عصا أو خرطوم.. التعليم تُصدر تحذيرًا حاسمًا: إحالة فورية لأي معلم أو مدير مدرسة يثبت تورطه في العقاب البدني

وجهت المديريات التعليمية خطابًا عاجلًا يحظر استخدام أي شكل من أشكال العقاب البدني أو النفسي داخل المدارس. وزارة التربية والتعليم تؤكد الإحالة الفورية لأي معلم أو مدير مدرسة يثبت تورطه في استخدام العصا أو الخرطوم، حفاظًا على بيئة تعليمية آمنة تحترم كرامة الطالب.
في خطوة حاسمة نحو تطوير العملية التعليمية وضمان بيئة آمنة ومحفزة للتعلم، أصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تعليمات صارمة لجميع المديريات التعليمية في مختلف المحافظات المصرية، تقضي بمنع استخدام أي شكل من أشكال العقاب البدني أو النفسي داخل المدارس، سواء الحكومية أو الخاصة.
القرار الذي تم توجيهه رسميًا عبر خطابات عاجلة إلى الإدارات التعليمية، يشدد على عدم السماح بحيازة أو استخدام العصا أو الخرطوم أو أي أدوات مشابهة داخل المدارس أو أثناء الأنشطة التعليمية.
تأتي هذه الخطوة في إطار توجه الدولة المصرية لتحديث نظام التعليم والارتقاء بسلوكيات العاملين بالمدارس، بما يعزز احترام كرامة الطالب ويخلق مناخًا تربويًا قائمًا على الحب والانضباط الإيجابي.
خلفية القرار
شهدت بعض المدارس خلال السنوات الأخيرة حوادث متفرقة أثارت الرأي العام، بعد تداول مقاطع فيديو وصور لمعلمين يستخدمون العنف البدني أو النفسي ضد الطلاب، ما تسبب في استياء واسع لدى أولياء الأمور والمجتمع التربوي.
وفي ضوء ذلك، تسعى وزارة التعليم إلى القضاء تمامًا على هذه الظاهرة السلبية، من خلال إجراءات قانونية صارمة ضد أي معلم أو إدارة تتهاون في تطبيق التعليمات.
وأكدت مصادر داخل الوزارة أن التربية والتعليم لا تتهاون مع أي تصرف يمس كرامة الطالب أو سلامته النفسية، وأن المدارس مطالبة بتطبيق أساليب بديلة قائمة على الإرشاد والتوجيه بدلًا من العقاب البدني.
التعليم تحذر: لا مكان للعنف داخل المدارس
بحسب الخطاب الصادر من المديريات التعليمية، تم التنبيه على جميع مديري الإدارات ومديري المدارس الحكومية والخاصة بعدم السماح مطلقًا بوجود أي أدوات قد تُستخدم للعقاب، مثل العصا أو الخرطوم أو المسطرة أو أي وسيلة مشابهة.
وأكد الخطاب أن أي معلم يتم ضبطه بحيازة مثل هذه الأدوات، سيحال فورًا إلى الشؤون القانونية للتحقيق، إلى جانب إحالة مدير المدرسة باعتباره مسئولًا مباشرًا عن السماح بوجود تلك الوسائل داخل المؤسسة التعليمية.
الوزارة شددت على أن المدرسة ليست ساحة للعقاب، وإنما بيئة للتربية وبناء الشخصية، وأن احترام الطلاب هو واجب أخلاقي ومهني لا يمكن التهاون فيه.
إحالة فورية وتحقيقات قانونية
أوضحت الوزارة في بيانها أن أي معلم يثبت تورطه في استخدام وسائل العقاب البدني سيتم اتخاذ إجراءات رادعة بحقه قد تصل إلى الفصل من الخدمة أو الإيقاف المؤقت، بحسب جسامة الفعل.
كما سيتم إحالة مدير المدرسة إلى التحقيق في حال ثبوت علمه أو تقصيره في منع تلك الممارسات.
هذه الإجراءات تأتي ضمن منظومة الانضباط المدرسي التي أطلقتها وزارة التعليم منذ بداية العام الدراسي، والتي تهدف إلى بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل بين المعلم والطالب.
الانضباط لا يعني العقاب
أكدت وزارة التربية والتعليم أن الانضباط داخل المدارس لا يتحقق بالعقوبة الجسدية أو الإهانة اللفظية، وإنما عبر غرس القيم والسلوكيات الإيجابية، وتدريب المعلمين على أساليب إدارة الفصل دون عنف.
وقد بدأت الوزارة بالفعل في تنظيم ورش تدريبية للمعلمين والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لتأهيلهم على التعامل التربوي الصحيح مع الطلاب.
كما شددت الوزارة على ضرورة تفعيل دور الأخصائي النفسي داخل المدرسة لمتابعة الحالة السلوكية للطلاب ومعالجة المشكلات في بدايتها قبل تفاقمها.
ردود أفعال أولياء الأمور
لاقى القرار الجديد ترحيبًا واسعًا من أولياء الأمور الذين أعربوا عن سعادتهم بخطوة الوزارة الجادة نحو القضاء على ظاهرة العنف المدرسي.
وقال أحد أولياء الأمور:
“العقاب البدني لم يعد وسيلة للتربية، بل أصبح سببًا في كره الطالب للمدرسة، ونشكر الوزارة على موقفها الصارم لحماية أبنائنا”.
بينما أكد آخرون أن هذا القرار يجب أن يُرافقه تشديد الرقابة الميدانية من الإدارات التعليمية للتأكد من تطبيقه الفعلي داخل المدارس، وليس الاكتفاء بالتعليمات الورقية.
دور مديري المدارس والإدارات التعليمية
أوضحت التعليمات أن مدير المدرسة مسؤول مسؤولية كاملة عن أي مخالفة تقع داخل مدرسته، وأن التغاضي عن وجود أدوات عقاب أو سماح باستخدامها يُعد مخالفة جسيمة تستوجب التحقيق الفوري.
كما تم تكليف الإدارات التعليمية بمتابعة المدارس بشكل دوري ومفاجئ، للتأكد من خلوها من أي أدوات تستخدم للعقاب البدني.
وشددت الوزارة على أن مدير المدرسة يجب أن يكون قدوة حسنة في تطبيق القواعد والانضباط الإيجابي، وأن يعزز ثقافة الحوار والتفاهم داخل المدرسة.
التعليم: “المدرسة مكان للتربية لا للترهيب”
صرح مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم أن الهدف من القرار ليس العقاب، بل إعادة ضبط العلاقة بين الطالب والمعلم على أسس تربوية صحيحة.
وقال المصدر:
“المدرسة مؤسسة تربوية قبل أن تكون تعليمية، والعنف لا يصنع طالبًا ناجحًا، بل يولّد الخوف والعزلة وضعف الشخصية”.
وأكد أن الوزارة تتجه إلى تعزيز برامج الدعم النفسي والسلوكي داخل المدارس، خاصة في المراحل الابتدائية والإعدادية، حيث يكون الطالب أكثر تأثرًا بالمعاملة السيئة.
القانون المصري والعقاب البدني
ينص قانون التعليم المصري وكذلك اتفاقيات حقوق الطفل التي وقعت عليها مصر على حظر أي شكل من أشكال العنف ضد الأطفال في المؤسسات التعليمية.
وتعتبر أي ممارسة للعقاب البدني جريمة تأديبية تستوجب التحقيق والعقوبة القانونية.
كما شددت الوزارة على أن احترام الطالب حق إنساني أصيل لا يجوز المساس به تحت أي ظرف، وأن أساليب التربية الحديثة لا تعتمد على الترهيب، بل على التحفيز والمكافأة.
دعوة للتعاون المجتمعي
طالبت الوزارة أولياء الأمور والمجتمع المدني بالتعاون في مراقبة تطبيق هذه التعليمات، والإبلاغ عن أي حالة يُشتبه فيها بوجود عقاب بدني داخل المدارس، من خلال قنوات التواصل الرسمية أو الخط الساخن للوزارة.
وأكدت أن حماية الطالب مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والوزارة، وأن بناء جيل متعلم ومبدع يبدأ من بيئة خالية من العنف.
نحو مدرسة آمنة وإنسانية
يعد هذا القرار خطوة مهمة في طريق إصلاح المنظومة التعليمية، حيث يعكس رؤية جديدة تضع الطالب في قلب العملية التعليمية، وتؤكد على أن التعليم ليس تلقينًا بل تربية وتوجيه وبناء شخصية.
إن منع العقاب البدني ليس مجرد قرار إداري، بل تحول ثقافي وتربوي يعيد للمدرسة دورها الحقيقي في صناعة الإنسان القادر على التفكير والإبداع لا الخوف والانصياع.
