“إعرف نبيك: لقطات من تعامل الرسول ﷺ مع زوجاته وأسرته بحب ورحمة”
لقد كان رسول الله ﷺ نموذجًا في المعاملة الرقيقة والرفق مع زوجاته وأهل بيته، وسيرة الرسول مليئة بالمواقف التي تعكس حبه ورحمته وحنانه تجاههم. من أبرز تلك المواقف التي تظهر حب الرسول وعطفه على زوجاته هي رواية السيدة عائشة رضي الله عنها التي قالت: “كان رسول الله ﷺ يأخذ الإناء مني فيشرب منه، فيضع فمه حيث كنت أشرب، ويأكل من حيث كنت آكل”. هذه اللفتة الصغيرة تعبر عن مدى حب الرسول لأهله، فهو لم يكن يكتفي بإعطاء الأولوية لزوجته في الطعام والشراب فقط، بل كان يحب مشاركتها حتى في أبسط الأشياء.
كما يُحكى عن الرسول ﷺ حبه العميق للسيدة خديجة رضي الله عنها. فقد كان دائمًا يذكرها بالخير بعد وفاتها، وقال عنها: “إني رُزِقتُ حُبها”، وذلك ليعبر عن مدى تأثيرها في حياته. وكانت وفاته رضي الله عنها سببًا في تسمية العام الذي توفيت فيه بعام الحزن، لعمق الألم الذي شعر به النبي لفراقها.
ومن المواقف التي تُظهر تواضعه وحسن تعامله مع زوجاته، موقفه مع السيدة صفية رضي الله عنها، حينما كانا في رحلة وحصل أن تأخر جملها عن القافلة، فأخذت تبكي، فما كان من الرسول إلا أن أوقف القافلة بأكملها، وجلس بجانبها يمسح دموعها ويطيّب خاطرها، دون أن يلومها أو يعاتبها.
كان النبي ﷺ أيضًا يعامل زوجاته بحب ولطف حتى في المواقف اليومية البسيطة. فقد اعتاد أن يُخرجهن للتنزه، وكان يساعدهن في أعمال البيت، فكان يخيط نعله وثوبه، ليعطي بذلك القدوة في كيفية التعامل مع الزوجة. ولم يكن يومًا ليضرب واحدة منهن، بل على العكس، كان دائمًا يعامل الجميع برفق وتسامح.
في موقف آخر، كان الرسول يتسابق مع السيدة عائشة رضي الله عنها. ففي أحد الأيام، قال لأصحابه: “تقدموا” ليفسح المجال للتسابق معها. وفازت السيدة عائشة في السباق الأول، ولكن بعد فترة، تسابقا مرة أخرى، ففاز النبي هذه المرة، وكان يضحك ويقول: “هذه بتلك”، في إشارة لطيفة إلى تساوي السباقين بينهما.
ومن المشاهد المؤثرة في سيرة الرسول ﷺ أيضًا موقفه عندما كان يصلي وهو يحمل حفيدته أُمامة بنت زينب. كان يرفعها بين يديه أثناء قيامه في الصلاة، وإذا ركع أو سجد وضعها برفق على الأرض، ثم يعود ليحملها مرة أخرى.
لا ينسى المسلمون كيف كان الرسول يعامل بناته، وخاصة السيدة فاطمة رضي الله عنها، فقد قال عنها: “إنها بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها”. هذا الكلام يظهر مدى حبه وارتباطه ببناته، وتقديره لهن كجزء من حياته.
كان الرسول ﷺ يُظهر محبته لزوجاته وأهل بيته في كل لحظة، وكان دائمًا ما يدعو إلى الرفق بهن. ومن أشهر عباراته التي تدل على هذا الأمر هي قوله: “رفقاً بالقوارير”، عندما كان يحث قائد القافلة على التمهل في السير من أجل زوجاته اللواتي كن معه.
كل هذه المواقف الرائعة التي عاشها رسول الله ﷺ مع زوجاته وأهل بيته تعكس لنا كيف كان نموذجًا في الرحمة والمحبة والاحترام، وتدعو المسلمين لاتباع سنته في التعامل مع أزواجهم وأسرهم بلطف وحنان. ومن هنا تأتي أهمية أن نعرف نبينا الكريم، ونتذكر أن الصلاة عليه ليست فقط عبادة، بل هي تذكير بحبنا له واتباعنا لسنته في جميع جوانب حياتنا.