تحذيرات من مجلس الشورى: فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل في المملكة… فمن يشغل وظائف المستقبل؟

61 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

شهدت جلسات مجلس الشورى السعودي مؤخراً نقاشاً واسعاً أثار اهتمام الشارع السعودي، بعدما حذرت إحدى عضوات المجلس من اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم الحالية واحتياجات سوق العمل في المملكة، مؤكدة أن هذه الفجوة قد تمثل خطراً على مستقبل التنمية ورؤية المملكة 2030 إذا لم يتم التعامل معها بجدية. وجاء تساؤلها البارز: “من سيشغل هذه الوظائف المستقبلية؟”، ليعيد تسليط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه القطاعات التعليمية والمهنية في البلاد.

الفجوة التعليمية… مشكلة ليست جديدة ولكنها تتسع

أشارت العضو إلى أن عدم مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل ليست قضية حديثة عهد، بل هي مشكلة ممتدة منذ سنوات، إلا أنّ تسارع التغيير التكنولوجي وتحول سوق العمل نحو وظائف جديدة تعتمد على الرقمنة والذكاء الاصطناعي والمهارات المتقدمة جعل هذه المشكلة أكثر خطورة.

ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتطوير المناهج وتعزيز الكفاءات، فإن المؤشرات الحالية توضح أن نسبة ليست قليلة من الخريجين لا تزال تفتقر إلى المهارات المطلوبة للوظائف المستقبلية. وهو ما يخلق تحدياً أمام الجهات الحكومية والخاصة التي تبحث عن كفاءات وطنية قادرة على قيادة اقتصاد المعرفة.

 التساؤل المفتوح: من سيشغل الوظائف المستقبلية؟

جاء تساؤل العضو: “من سيشغل هذه الوظائف المستقبلية؟” ليعكس مخاوف تتزايد عالمياً، وليس في المملكة فقط. فوفقاً للدراسات الدولية، أكثر من 50% من الوظائف الحالية ستختفي أو تتغير خلال السنوات المقبلة، نتيجة التطور التقني الهائل.

الوظائف المستقبلية مثل:

  • وظائف الذكاء الاصطناعي.
  • الأمن السيبراني.
  • تحليل البيانات الضخمة.
  • الطاقة المتجددة.
  • التقنية الحيوية.
  • الروبوتات والأتمتة.

تتطلب مهارات جديدة لا يجري تدريب الطلاب عليها بالقدر الكافي، مما قد يؤدي إلى فجوة في توافر الكفاءات الوطنية اللازمة.

 التعليم الجامعي وبرامج التدريب… أين الخلل؟

طرحت العضوة رؤيتها حول أن التحول التعليمي المطلوب لم يصل حتى الآن إلى المستوى الكافي، فهناك فجوات واضحة في:

  1. تصميم المناهج التي لا تزال نظرية في كثير من التخصصات.
  2. ضعف التدريب العملي وربط الطلاب بالقطاع الخاص أثناء الدراسة.
  3. غياب برامج التخصصات الدقيقة المناسبة لوظائف المستقبل.
  4. افتقار العديد من الجامعات إلى شراكات دولية فعالة تضمن تحديث المعرفة باستمرار.
  5. عدم تفعيل دور مراكز الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات.

وترى أن استمرار هذه التحديات قد يؤدي إلى تنامي معدلات البطالة بين الشباب، في الوقت الذي تحتاج فيه المملكة إلى كوادر متخصصة عالية التدريب لقيادة “اقتصاد المستقبل”.

 رؤية 2030… فرص تتوسع ولكن المهارات لا تواكب

أكدت العضوة أن رؤية المملكة 2030 فتحت الباب أمام قطاعات اقتصادية عملاقة ستوفر آلاف الوظائف الجديدة، مثل:

  • السياحة والترفيه.
  • الصناعات العسكرية.
  • الطاقة المتجددة.
  • التقنية والذكاء الاصطناعي.
  • النقل والخدمات اللوجستية.

إلا أن المشكلة تكمن في أن هذه الوظائف تحتاج مهارات نوعية، وبعض الجامعات لا تزال تقدم برامج مهنية لا تتطابق مع هذه الاحتياجات، مما يخلق فجوة بين العرض والطلب.

مطالبات بإصلاحات عاجلة في قطاع التعليم

دعت العضوة إلى ضرورة اتخاذ مجموعة من الإصلاحات والصدمات الإيجابية لضمان مواءمة التعليم مع احتياجات سوق العمل، أبرزها:

1. تحديث شامل للمناهج

ليست مجرد تعديلات طفيفة، بل إعادة بناء المناهج بما يتناسب مع مهارات القرن الحادي والعشرين مثل التفكير النقدي، الابتكار، تحليل البيانات، والعمل الجماعي.

2. تعزيز التدريب العملي والشراكات مع الشركات

بحيث يصبح الطالب جزءاً من بيئة العمل منذ سنواته الجامعية الأولى، عبر:

  • التدريب التعاوني المطول
  • برامج الابتعاث الداخلي إلى الشركات
  • مشاريع التخرج المرتبطة بحلول واقعية

3. تطوير مهارات المعلمين

فالمعلم هو المحرك الأول لأي تطوير، ولا يمكن تحقيق نقلة نوعية دون تدريب متخصصين على أحدث طرق التعليم وتقنيات التدريس.

4. إدخال التخصصات المستقبلية في الجامعات

مثل:

  • الأمن السيبراني
  • علوم الروبوت
  • هندسة الطاقة الشمسية
  • علم البيانات
  • الواقع المعزز والافتراضي

5. نظام وطني لتقييم مخرجات التعليم

يهدف إلى قياس مدى مواءمة الخريجين لاحتياجات سوق العمل، وليس فقط تقييم الأداء الأكاديمي.

 القطاع الخاص… شريك أساسي في الحل

شددت عضوة الشورى على أن القطاع الخاص يجب أن يكون شريكاً رئيسياً في وضع الخطط التعليمية، فهو الجهة التي تستقبل الخريجين، وبالتالي الأقدر على تحديد المهارات المطلوبة.

كما طالبت بمشاركة الشركات في:

  • تصميم برامج التدريب
  • وضع خطط تطوير التخصصات
  • توفير فرص التدريب العملي
  • الإسهام في تمويل مراكز الابتكار الجامعية

 البطالة بين الشباب… أرقام يجب أن تؤخذ بجدية

رغم الانخفاض المتواصل في نسبة البطالة بين السعوديين خلال الأعوام الأخيرة، إلا أنّ نسبة بطالة الشباب ما زالت تمثل تحدياً، خاصة في بعض التخصصات النظرية التي لا تجد طلباً كبيراً في السوق.

وترى العضوة أن الحل لا يكمن في الحد من هذه التخصصات فقط، بل في إعادة هيكلتها وربطها باحتياجات السوق ووظائف المستقبل.

 التغيير قادم… والمملكة تمتلك القدرة على التحول

اختتمت العضوة حديثها بالتأكيد على أن المملكة تمتلك كل المقومات اللازمة لإحداث نقلة كبيرة في التعليم، خاصة مع الدعم الكبير الذي توليه القيادة للقطاع، والجهود المستمرة لتطوير المناهج والمنشآت التعليمية وبرامج الابتعاث.

لكن نجاح هذا التحول يعتمد على السرعة في تنفيذ الخطط، لأن الأسواق العالمية تتحرك بسرعة، والمنافسة على الوظائف المستقبلية ستكون شرسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى