مساعد السديري: السيولة الخارجة من العقار السعودي تتجه نحو قطاعات استثمارية جديدة.. الوطني للثروات تكشف خريطة التحول المالي في المملكه

61 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

في خطوة تعكس التحولات الاقتصادية العميقة التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن مستهدفات رؤية 2030، كشف الرئيس التنفيذي لشركة الوطني للثروات، مساعد السديري، عن ملامح جديدة لحركة السيولة الاستثمارية الخارجة من القطاع العقاري، موضحًا الاتجاهات المقبلة التي ستحدد شكل الاستثمار في المملكة خلال السنوات القادمة.

وأكد السديري أن العقار لم يعد الملاذ الوحيد للمستثمرين كما كان في السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن مرحلة إعادة التوازن في الأسواق بدأت بالفعل، وأن جزءًا كبيرًا من السيولة سيتجه إلى قطاعات واعدة مثل الأسواق المالية، والقطاع الصناعي، والتقنيات المالية، والطاقة المتجددة.

تحولات المشهد العقاري في السعودية

شهد السوق العقاري السعودي خلال العقد الماضي نموًا لافتًا، جعل منه أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني. إلا أن السنوات الأخيرة حملت معها تغيرات جذرية، تمثلت في ارتفاع الأسعار وتباطؤ حركة البيع والشراء في بعض المناطق، ما أدى إلى إعادة توزيع السيولة بين قطاعات اقتصادية متعددة.

وأوضح السديري أن هذا التحول طبيعي وصحي لأي اقتصاد قوي، مضيفًا:

“الاستثمار العقاري سيبقى قطاعًا مهمًا، لكن المستثمرين أصبحوا أكثر وعيًا وتنوعًا في توجهاتهم. فبدلًا من التركيز على العقار فقط، بدأت رؤوس الأموال تبحث عن فرص استثمارية تحقق عوائد أسرع وأكثر استدامة.”

إلى أين تتجه السيولة الخارجة من العقار؟

بحسب تصريحات السديري، فإن جزءًا كبيرًا من السيولة التي كانت تتركز في القطاع العقاري السكني والتجاري، بدأت تتجه إلى قطاعات أخرى أبرزها:

  1. القطاع المالي والأسواق الاستثمارية:
    حيث ارتفعت وتيرة الاستثمارات في الصناديق الاستثمارية والمحافظ المتنوعة، خصوصًا مع تطور الأنظمة المالية وزيادة الوعي بالاستثمار المؤسسي.
  2. القطاع الصناعي واللوجستي:
    نتيجة التوسع في المشاريع الوطنية الكبرى مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر، أصبحت القطاعات الصناعية والخدمية تشهد تدفقًا متزايدًا للسيولة.
  3. التقنيات المالية (Fintech):
    أكد السديري أن السعودية أصبحت بيئة جاذبة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وهو ما جعل هذا القطاع يستقطب استثمارات من الأفراد والشركات على حد سواء.
  4. الطاقة المتجددة:
    مع توجه الدولة نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط، أصبحت مشاريع الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر وجهة رئيسية للمستثمرين الباحثين عن مستقبل طويل الأمد.

دور الوطني للثروات في إدارة التحول

تلعب شركة الوطني للثروات دورًا محوريًا في إدارة هذه التحولات المالية داخل السوق السعودي، من خلال تقديم حلول استثمارية مبتكرة، وتوفير أدوات مالية تساعد على توجيه السيولة نحو القطاعات الأكثر نموًا.

وقال السديري:

“نحن نعمل على تعزيز ثقافة الاستثمار الذكي، وتوعية المستثمرين بأهمية تنويع المحافظ الاستثمارية، وعدم الاعتماد على قطاع واحد فقط مهما كانت قوته.”

وأضاف أن الشركة أطلقت عدة مبادرات خلال عام 2025 لدعم المستثمرين في فهم تحولات السوق العقاري والفرص المتاحة في القطاعات الجديدة.

انعكاسات التحول على الاقتصاد الوطني

يرى خبراء الاقتصاد أن إعادة توجيه السيولة من العقار إلى قطاعات متنوعة تمثل خطوة استراتيجية لدعم الاستدامة المالية وتحقيق التوازن الاقتصادي المنشود.
ففي الوقت الذي شهد فيه العقار حالة من الركود النسبي، سجلت الاستثمارات الصناعية والتقنية نموًا متسارعًا، ما يعزز من قدرة المملكة على تحقيق أهداف رؤية 2030 القائمة على تنويع مصادر الدخل.

وأكد السديري أن هذا التحول لا يعني تراجع قيمة العقار، بل يمثل مرحلة تصحيح ستؤدي في النهاية إلى سوق أكثر استقرارًا وتوازنًا بين العرض والطلب.

تحديات تواجه السوق العقاري

أشار السديري إلى أن التحديات الحالية التي تواجه السوق العقاري تشمل ارتفاع تكلفة التمويل، وتراجع الطلب في بعض المدن، بالإضافة إلى تغير سلوك المستهلكين الذين أصبحوا يبحثون عن بدائل استثمارية مرنة.

ومع ذلك، شدد على أن القطاع العقاري سيظل ركيزة أساسية في الاقتصاد، خصوصًا في مجالات الإسكان والبنية التحتية والمشروعات الحكومية.

رؤية مستقبلية للسيولة والاستثمار

يتوقع مساعد السديري أن السنوات القادمة ستشهد تدفقات مالية ضخمة نحو قطاعات غير تقليدية مثل الذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية، والخدمات الصحية، مؤكدًا أن المستثمرين المحليين أصبحوا أكثر جرأة في استكشاف مجالات جديدة بفضل البيئة التنظيمية الداعمة والشفافية المتزايدة.

وأضاف أن السوق السعودي يعيش مرحلة “نضج مالي”، حيث أصبحت القرارات الاستثمارية تعتمد على التحليل والمخاطر والعوائد، لا على الانطباعات أو الاتجاهات المؤقتة.

في ختام حديثه، دعا مساعد السديري المستثمرين إلى استغلال التحولات الحالية بذكاء، مشيرًا إلى أن إعادة توزيع السيولة بين القطاعات المختلفة ستسهم في تعزيز قوة الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أن المستقبل يحمل فرصًا واعدة لكل من يقرأ المشهد المالي بدقة، ويتعامل معه بعقلية استثمارية مرنة قائمة على التنويع والتخطيط بعيد المدى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى