انتشار فيديو غريب لمرشحة الرئاسة الأمريكية هاريس وهي تتحدث بطريقة مترنحة

انتشر على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو غريب يظهر فيه كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس، وهي تتحدث بطريقة مترنحة ومتلعثمة، مما جعل البعض يصفها بأنها تبدو وكأنها “سكرانة”. الفيديو انتشر بسرعة بين مؤيدي المرشح الجمهوري السابق دونالد ترامب، ولاقى الكثير من التعليقات الساخرة والانتقادات، حيث تساءل البعض كيف يمكن لأي أميركي أن يصوت لشخصية تظهر في مثل هذه الحالة غير المتزنة؟

 

 

مقطع الفيديو الذي تداولته عدة حسابات عبر منصات مثل “تويتر” و”فيسبوك”، يظهر هاريس وهي تتحدث عن موضوع حساس وهو حق الإجهاض. وبسبب الطريقة التي ظهرت بها في الفيديو، حيث بدا كلامها متثاقلاً ومتلعثماً، أطلق بعض المعلقين اتهامات بأن هاريس كانت تحت تأثير الكحول أو المخدرات. هذه الادعاءات جاءت في سياق محاولة الهجوم على سمعتها وزعزعة موقفها السياسي أمام الرأي العام الأميركي، خصوصاً في وقت حساس تقترب فيه الانتخابات.

 

 

الواقع أن الفيديو الذي تم تداوله قد تعرض للتلاعب الرقمي. بحسب وكالة “رويترز”، تم التأكيد على أن الفيديو ليس حقيقيًا، وإنما تم تعديله بشكل رقمي باستخدام برامج مخصصة لإبطاء الكلام والحركة، بحيث تبدو هاريس وكأنها في حالة غير طبيعية. هذه الطريقة في التلاعب بالفيديوهات ليست جديدة، بل أصبحت منتشرة بشكل متزايد في العصر الرقمي الذي نعيشه، حيث يمكن لأي شخص استخدام أدوات متاحة عبر الإنترنت لتحريف الحقيقة والتلاعب بالمواد الإعلامية.

 

 

التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وتحرير الفيديو المتقدم، ساهمت في تسهيل عملية إنشاء فيديوهات مزيفة أو “معدلة” بشكل يظهر الأشخاص بصورة غير حقيقية. ما حدث مع كامالا هاريس ليس سوى مثال على هذه الظاهرة، والتي باتت تهدد مصداقية الكثير من المواد الإعلامية المتداولة عبر الإنترنت. ومع تزايد استخدام منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومات لدى الكثيرين، أصبح من السهل أن تنتشر الأخبار المزيفة والفيديوهات المعدلة بشكل واسع وسريع قبل أن تتاح الفرصة للتحقق من صحتها.

 

 

ردود الفعل على الفيديو لم تتوقف عند حدود السخرية أو الهجوم، بل تجاوزتها إلى التساؤل حول تأثير مثل هذه الفيديوهات المزيفة على العملية الانتخابية في الولايات المتحدة. كيف يمكن للمواطنين أن يتخذوا قرارات مستنيرة بناءً على معلومات مزيفة أو محرّفة؟ هذا السؤال يعكس قلقاً متزايداً بين المراقبين السياسيين، الذين يرون أن انتشار المعلومات الخاطئة قد يؤثر سلباً على الانتخابات ونتائجها، خصوصاً في بلد يعتمد بشكل كبير على الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات السياسية.

 

 

كامالا هاريس نفسها لم تعلق بشكل مباشر على الفيديو المزيف، لكن حملتها الانتخابية أكدت أن مثل هذه الأساليب لن تؤثر على مسارها أو تركيزها على القضايا الحقيقية التي تواجه الناخبين الأميركيين. ومن المعروف أن هاريس كانت دائماً هدفاً لهجمات الجمهوريين منذ بداية ترشحها لمنصب نائب الرئيس بجانب جو بايدن، حيث يعتبرها البعض شخصية مثيرة للجدل بسبب مواقفها السياسية الجريئة ودعمها لقضايا مثل حقوق الإجهاض والعدالة الاجتماعية.

 

 

الفيديو المزيف لم يكن الحادثة الأولى التي تُستخدم فيها مثل هذه الأساليب لمحاولة التأثير على سمعة السياسيين في الولايات المتحدة، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة. في السنوات الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة والعالم موجة من استخدام الفيديوهات المزيفة والمعلومات المفبركة كوسيلة للتأثير على الرأي العام. سواء كان الهدف هو تشويه سمعة شخصية معينة أو التأثير على نتائج انتخابات أو حتى نشر الفوضى والتشكيك في مصداقية المؤسسات السياسية.

 

 

الجمهوريون، وعلى رأسهم أنصار ترامب، كانوا دائمًا يستخدمون مثل هذه الفيديوهات المعدلة كسلاح ضد خصومهم الديمقراطيين. وبغض النظر عن صحة الفيديو أو حقيقة التلاعب به، يبقى التأثير الذي يتركه على عقول المتابعين قوياً، حيث إن كثيرين قد لا يعرفون أنه تم التلاعب بالفيديو، ويكتفون بالحكم على هاريس بناءً على ما شاهدوه. هذا هو الخطر الأكبر في استخدام هذه الأساليب، حيث يصبح من الصعب على الناس التمييز بين الحقيقة والزيف.

 

 

أما بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعي نفسها، فقد حاولت في السنوات الأخيرة تطوير تقنيات تساعد في كشف الفيديوهات المزيفة ومنع انتشارها، لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة. رغم كل المحاولات للحد من انتشار الفيديوهات المزيفة، إلا أن هذه المواد الإعلامية لا تزال تجد طريقها إلى ملايين المستخدمين حول العالم، وذلك بسبب السرعة التي تنتشر بها والقدرة على إعادة نشرها بطرق متعددة. كما أن خوارزميات هذه المنصات غالباً ما تفضل المحتوى الذي يثير الجدل ويجذب الانتباه، ما يعني أن الفيديوهات المزيفة قد تحظى بانتشار أوسع من الفيديوهات الصحيحة.

 

 

في الختام، يُظهر انتشار الفيديو المزيف لكامالا هاريس التحديات الكبيرة التي تواجهها المجتمعات في العصر الرقمي. بين سهولة التلاعب بالمواد الإعلامية وصعوبة التحقق من صحتها في الوقت الفعلي، يبقى السؤال الأكبر هو: كيف يمكن للناخبين، أو حتى للمجتمع بشكل عام، اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على معلومات قد تكون مزيفة أو محرّفة؟ تظل الإجابة على هذا السؤال غير واضحة، لكن ما هو مؤكد هو أن المستقبل سيشهد المزيد من المعارك حول الحقيقة والمعلومات، في ظل تصاعد استخدام التكنولوجيا الرقمية في عالم السياسة والإعلام.

 

 

 

الحقيقة التي أكدت عليها “رويترز” بأن الفيديو تم التلاعب به تظهر مدى ضرورة أن يكون المواطنون أكثر حذرًا في تصديق كل ما يرونه على الإنترنت. ففي عصر تنتشر فيه المعلومات بسرعة فائقة، يجب أن يكون الوعي العام بالطرق التي يمكن أن تُستخدم فيها التكنولوجيا لخداع الجماهير على رأس الأولويات. فمن خلال المعرفة والوعي يمكن الحد من تأثير مثل هذه الفيديوهات المزيفة على الرأي العام والمجتمع بشكل عام.

 

 

 

كامالا هاريس، مثلها مثل غيرها من الشخصيات العامة، تواجه تحديات جديدة في ظل هذا العصر الرقمي، حيث لم تعد التهديدات تأتي فقط من معارك سياسية تقليدية، بل أيضًا من معارك رقمية تدور حول التحكم في الحقيقة وتشويه السمعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى