“عشائر الجنوب السوري تُعلن وقفاً شاملاً لإطلاق النار في السويداء: دعوات للحوار وعودة النازحين”

في خطوة وُصفت بأنها مفصلية على طريق التهدئة، أعلن تجمع عشائر الجنوب السوري وقفاً فورياً وشاملاً لكل العمليات العسكرية في محافظة السويداء، مؤكدًا التزامه الكامل بقرار رئاسة الجمهورية السورية القاضي بوقف شامل لإطلاق النار، وذلك في مسعى واضح لحقن الدماء ودرء الفتنة ووقف التصعيد الذي كاد أن يُشعل صراعًا أهليًا جديدًا في الجنوب السوري.

وأكد التجمع، في بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا” صباح اليوم السبت، أن وقف إطلاق النار يعكس حرص العشائر على تجنيب المنطقة المزيد من العنف والمعاناة، والابتعاد عن منطق الاقتتال الداخلي، الذي لا يخدم سوى أجندات خارجية تسعى إلى تفتيت المجتمع السوري وزرع الفتنة بين مكوناته المتجذرة تاريخيًا في التعايش.

وأضاف البيان: “ندعو إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين من أبناء العشائر دون استثناء، وتأمين العودة الآمنة لجميع النازحين إلى منازلهم وقراهم، وفتح قنوات للحوار والتنسيق بما يضمن عدم تكرار ما حدث، والسير نحو استقرار دائم في السويداء”.

خلفية التوتر

وتأتي هذه التطورات بعد أيام من اشتباكات دامية اندلعت بين عشائر البدو وبعض المجموعات المسلحة الدرزية في مناطق متفرقة من محافظة السويداء، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، إضافة إلى تهجير عائلات واحتجاز عدد من الأشخاص من الجانبين، وسط تخوف شعبي من اتساع رقعة التوتر.

وتحولت بعض قرى المحافظة إلى مناطق مغلقة نتيجة القتال، وسط غياب واضح للحل السياسي وغياب الدور الفاعل لبعض الجهات المحلية، ما زاد من معاناة السكان المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين نيران صراعات لا تمثل تطلعاتهم ولا تعبر عن إرادتهم.

دعوة للحوار الشامل

أشار التجمع في بيانه إلى أن الحل يكمن في الحوار السوري – السوري بعيدًا عن السلاح والتهديد، مشددًا على أن أبناء العشائر في الجنوب كانوا وما زالوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني، وأنهم يمدّون أيديهم إلى كافة القوى الوطنية والمجتمعية لبناء شراكة حقيقية عنوانها السلام، أساسها التعاون والتفاهم ورفض الاقتتال.

ودعا البيان إلى تفعيل دور المؤسسات الحكومية والمدنية في المنطقة لتكون طرفًا فاعلًا في ضبط الأمن، وتسهيل عودة المهجرين، وتأمين احتياجات الأهالي الذين تضرروا جراء الصراع، لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تعصف بسوريا بأكملها.

استجابة رسمية وترحيب شعبي

من جهتها، رئاسه الجمهوريه السورية رحّبت بهذه الخطوة واعتبرتها تعبيرًا عن وعي وطني عالٍ، داعية إلى البناء عليها من خلال مبادرات شعبية ومؤسساتية لترسيخ الاستقرار المجتمعي ومنع عودة التوتر، مؤكدة أن السويداء كانت دومًا مثالًا للوحدة والتآخي بين أبناء الوطن.

كما لاقت هذه المبادرة ترحيبًا شعبيًا واسعًا في المحافظات المجاورة، حيث اعتبرها ناشطون ومراقبون خطوة إيجابية نحو إرساء المصالحة الوطنية في الجنوب، إذا ما تم البناء عليها سياسيًا واجتماعيًا.

السياق الإقليمي

وتُعد محافظة السويداء من المناطق التي شهدت استقرارًا نسبيًا مقارنة بمناطق سورية أخرى خلال سنوات الحرب، إلا أن التوترات الأخيرة كشفت هشاشة التفاهمات المحلية وغياب المرجعية الموحدة، ما يستدعي تضافر الجهود لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية والاجتماعية، وبناء ثقة حقيقية بين مختلف مكونات المجتمع المحلي.

آفاق المرحلة المقبلة

يرى محللون أن إعلان تجمع عشائر الجنوب يمثّل نقطة تحول، لكنها بحاجة إلى متابعة فعلية على الأرض من خلال آليات واضحة لتنفيذ الهدنة، ومشاركة جميع الأطراف في حوار جاد يتناول جذور المشكلة لا مجرد أعراضها. كما أن إطلاق سراح المحتجزين وعودة النازحين ستكون بمثابة اختبار حقيقي لنوايا جميع الأطراف.

ويخشى البعض من أن تؤدي أي خروقات أو أعمال فردية إلى تقويض هذا الاتفاق، ما يتطلب وجود لجنة متابعة من شيوخ العشائر والفعاليات المدنية لضمان تنفيذ البنود المتفق عليها.

 

Ahmed Salem

مؤسسة مجلة كيميت الآن، حاصلة على درجة الماجستير، مؤمنة بالحريات والإنسانية، مهتمة بنشر الاخبار علي مستوي العالم ، فكما يقال أن القلم أقوى من السيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى