السيسي يشارك في العرض العسكري بالكرملين: حضور مصري مميز في الذكرى الـ80 للانتصار الروسي بالحرب الوطنية العظمى

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في العرض العسكري الكبير الذي أقيم في الساحة الحمراء بالعاصمة الروسية موسكو، بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار في “الحرب الوطنية العظمى” (الحرب العالمية الثانية)، وذلك بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من قادة الدول ورؤساء الحكومات المدعوين للمشاركة في هذا الحدث التاريخي. وتأتي هذه المشاركة لتؤكد عمق العلاقات المصرية الروسية، وتعكس أهمية الدور الإقليمي والدولي الذي تلعبه مصر في ظل قيادة الرئيس السيسي.
حضور لافت في لحظة تاريخية
شهدت العاصمة الروسية موسكو صباح اليوم عرضاً عسكرياً ضخماً يمثل واحداً من أهم الأحداث الوطنية في روسيا، حيث تحتفل البلاد كل عام في التاسع من مايو بـ”يوم النصر” على النازية في الحرب العالمية الثانية. ويُعد هذا الاحتفال مناسبة رمزية تحمل الكثير من الدلالات الوطنية والتاريخية للشعب الروسي، كما تمثل فرصة لتجديد الروابط السياسية والعسكرية مع الحلفاء والشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم مصر.
جاءت مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا العرض تأكيداً على عمق العلاقة بين القاهرة وموسكو، وتقديراً للدور المصري في دعم الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم. وقد جلس الرئيس السيسي إلى جانب عدد من الزعماء والقادة المدعوين، في منصة الشرف التي تصدّرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط مراسم رسمية وحضور دبلوماسي رفيع المستوى.
الساحة الحمراء… رمزية التاريخ والمستقبل
الساحة الحمراء بموسكو ليست مجرد موقع لاستعراض القوة العسكرية، بل هي مركز ثقافي وتاريخي روسي يختزل ذاكرة البلاد وانتصاراتها، وخصوصًا الانتصار في الحرب العالمية الثانية الذي تعتبره روسيا “أعظم انتصار” في تاريخها الحديث. حضور السيسي في هذا المكان وفي هذا التوقيت، يحمل في طياته رسائل متعددة، أبرزها التقدير المتبادل بين مصر وروسيا، وحرص القيادة المصرية على تعزيز العلاقات مع الدول الكبرى في العالم.
الاحتفال بدأ بكلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحدث فيها عن أهمية النصر التاريخي الذي حققته بلاده، مشيراً إلى أن “الانتصار على الفاشية هو رمز للوحدة الوطنية الروسية وتضحيات الملايين من الجنود والمواطنين”. كما لم يغفل بوتين الإشارة إلى التحديات الجيوسياسية التي تواجه العالم اليوم، في إشارة ضمنية إلى الحرب في أوكرانيا والأزمة العالمية الراهنة، مشددًا على “أهمية التكاتف بين الدول لمواجهة قوى الشر وعدم السماح بعودة الفاشية أو النازية في أي شكل من الأشكال”.
دبلوماسية الغداء… لقاءات ثنائية في مأدبة رسمية
وفي أعقاب انتهاء العرض العسكري، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في مأدبة الغداء الرسمية التي أقامها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شرف القادة والرؤساء المشاركين في الاحتفال. وقد كانت هذه المأدبة فرصة لعقد لقاءات ثنائية غير رسمية بين الرئيس المصري ونظرائه من الدول الأخرى، ما يفتح المجال لتعزيز التعاون المشترك ومناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الرئيس السيسي استعرض مع عدد من القادة ملفات سياسية واقتصادية تهم الشأن العربي والأفريقي، مع التركيز على الأزمات العالمية مثل أمن الطاقة، وتغير المناخ، والأمن الغذائي، والنزاعات الإقليمية، إلى جانب التطورات في الشرق الأوسط وأفريقيا.
دلالات المشاركة المصرية
تحمل مشاركة الرئيس السيسي في هذه الذكرى التاريخية أبعادًا متعددة:
- تأكيد الاستقلالية في القرار السياسي المصري: حيث تعكس هذه المشاركة توازناً دقيقاً في علاقات مصر الدولية، فهي تواصل شراكاتها التقليدية مع الغرب، وفي الوقت نفسه تعزز علاقاتها مع القوى الكبرى الأخرى كروسيا والصين.
- دعم الحوار والتعاون الدولي: مصر دائمًا ما تنادي بالحوار كوسيلة لحل النزاعات، ومشاركة الرئيس السيسي في فعالية ذات طابع تاريخي وعسكري تؤكد أن القاهرة تؤمن بأهمية التعاون العسكري والدبلوماسي من أجل السلام العالمي.
- توطيد العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع روسيا: حيث تشهد العلاقات المصرية الروسية تطورًا ملموسًا في السنوات الأخيرة، من أبرزها التعاون في مشروع محطة الضبعة النووية، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وتعاون مستمر في مجالات الأمن والدفاع.
ردود الفعل والإشادات
لقيت مشاركة الرئيس السيسي ترحيبًا واسعًا من قبل وسائل الإعلام الروسية والدولية، التي اعتبرت حضوره في منصة الشرف خلال العرض العسكري رسالة قوية عن مكانة مصر الدولية ودورها المحوري في المنطقة. كما اعتبر خبراء العلاقات الدولية أن هذا الظهور يعزز صورة مصر كدولة صاحبة قرار مستقل وشريك استراتيجي مهم في النظام العالمي المتغير.
في حين أشادت عدة صحف روسية بالقائد المصري، معتبرة أن وجوده في موسكو خلال هذه المناسبة يعكس الاحترام المتبادل والثقة السياسية بين البلدين، ويفتح الباب أمام مزيد من التنسيق والتفاهم في ملفات حساسة مثل أمن البحر الأسود، واستقرار الشرق الأوسط، ومواجهة الإرهاب.
تُعد مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في العرض العسكري الروسي بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار في الحرب الوطنية العظمى، تأكيدًا جديدًا على مكانة مصر المتقدمة على الساحة الدولية، ورسالة صريحة بأن الدولة المصرية مستمرة في ترسيخ مبادئ الشراكة والتعاون الإقليمي والدولي، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الأمن.
ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة دافعًا لمزيد من التعاون بين القاهرة وموسكو، ليس فقط في إطار العلاقات الثنائية، وإنما في مواجهة التحديات الدولية التي تتطلب تنسيقًا أكبر بين الدول المؤثرة وصاحبة القرار المستقل.
هل ترغب أن أضيف كلمات مفتاحية لتحسين ظهور المقال في محركات البحث (SEO)؟