هل الزعل يُسبب جلطة القلب؟ استشاري القلب السعودي الدكتور خالد النمر يُوضح العلاقة بين التوتر والانفعال وأمراض القلب

64 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

 

هل الزعل يُسبب جلطة القلب؟ في ظل تزايد التساؤلات حول تأثير الحالة النفسية والانفعالات العاطفية على صحة القلب، خرج استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين الدكتور خالد النمر بتوضيح علمي دقيق حول مدى صحة الاعتقاد السائد بأن “الزعل يُسبب جلطة القلب”، مؤكدًا أن العوامل النفسية والعاطفية بالفعل قد تلعب دورًا مهمًا في حدوث الجلطات القلبية، ولكن بطريقة معقدة تتداخل فيها عدة عوامل جسدية ونفسية.

خالد النمر: الزعل الشديد قد يكون عاملًا محفزًا للجلطة وليس سببًا مباشرًا

أوضح الدكتور خالد النمر عبر حسابه الرسمي على منصة إكس (تويتر سابقًا) أن الزعل أو الانفعال الحاد لا يُسبب الجلطة القلبية بشكل مباشر، لكنه قد يكون عاملًا محفزًا لدى الأشخاص الذين يعانون من تصلب الشرايين أو ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول أو التدخين المزمن.

وقال النمر:

“الزعل الشديد والانفعال الحاد يمكن أن يكون الشرارة الأخيرة التي تُظهر المشكلة الموجودة أصلًا في شرايين القلب، وليس هو السبب الوحيد للجلطة.”

وأضاف أن العاطفة القوية، سواء كانت حزنًا أو غضبًا أو خوفًا شديدًا، يمكن أن تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، مما يؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية وارتفاع الضغط وتسارع ضربات القلب، وهي عوامل تزيد من احتمال حدوث جلطة مفاجئة لدى الأشخاص المعرضين لذلك.

العلاقة بين المشاعر والجهاز العصبي والقلب

تشير الدراسات الحديثة إلى أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحالة النفسية وصحة القلب عبر ما يُعرف بـ”المحور العصبي القلبي”، إذ يقوم الجهاز العصبي اللاإرادي بتنظيم معدل ضربات القلب وتوسع أو تضيق الشرايين استجابةً للعواطف.

فعندما يتعرض الإنسان لحالة زعل أو غضب شديد، يفرز الجسم كميات كبيرة من هرمونات التوتر التي تؤدي إلى زيادة الجهد على عضلة القلب، ومع الوقت، يمكن أن تضعف الشرايين أو تتعرض للانسداد.

ويقول الدكتور خالد النمر:

“التوتر النفسي المزمن مثل الزعل المستمر، أو العيش في ضغوط يومية حادة، له تأثير خطير على القلب لا يقل عن تأثير التدخين أو السمنة، لذا فالحفاظ على التوازن النفسي ضرورة طبية وليست رفاهية.”

حالات جلطات حدثت بعد انفعالات نفسية شديدة

أشار الدكتور النمر إلى أن هناك العديد من الحالات الطبية التي وُثّقت علميًا، حدثت فيها جلطات قلبية حادة بعد مواقف انفعالية قوية، مثل وفاة قريب، أو خبر صادم، أو شجار حاد.

ويُعرف هذا النوع من الجلطات في الأوساط الطبية باسم “متلازمة القلب المنكسر” (Broken Heart Syndrome) أو “متلازمة تاكوتسوبو”، وهي حالة طبية نادرة تحدث نتيجة تأثر عضلة القلب مؤقتًا بسبب تدفق مفاجئ للأدرينالين.

وأضاف النمر أن هذه الحالة قد تُشبه أعراض الجلطة القلبية تمامًا، مثل ألم الصدر وضيق التنفس والتعرق الشديد، لكنها لا تنتج عن انسداد الشرايين، بل عن تقلص مفاجئ في عضلة القلب بسبب الضغط النفسي الشديد.

عوامل الخطر التي تزيد من احتمال الجلطة بعد الزعل

أكد النمر أن الزعل وحده لا يصنع الجلطة في جسد سليم، لكن إذا ترافقت الانفعالات مع بعض عوامل الخطر الصحية، فإن احتمالية الإصابة ترتفع بشكل كبير، ومن هذه العوامل:

  1. ارتفاع ضغط الدم المزمن
  2. ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL)
  3. التدخين بجميع أنواعه
  4. السمنة المفرطة وقلة النشاط البدني
  5. التاريخ العائلي لأمراض القلب
  6. داء السكري
  7. الضغوط النفسية المستمرة وعدم النوم الكافي

وقال النمر:

“من لديه هذه العوامل عليه أن يتعامل مع الزعل بحذر، لأن أي انفعال شديد يمكن أن يكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.”

النصائح الوقائية لتجنب تأثير الزعل على القلب

قدّم الدكتور خالد النمر مجموعة من النصائح التي تساعد على الوقاية من الجلطات الناتجة عن الانفعال أو التوتر النفسي، مؤكدًا أن التعامل الهادئ مع المواقف هو جزء من العلاج الوقائي اليومي، ومن أهم توصياته:

  • تجنّب الجدال والمشاحنات خاصة في أوقات الغضب أو التعب.
  • ممارسة تمارين التنفس العميق وتمارين الاسترخاء بشكل دوري.
  • الحرص على النوم الكافي من 6 إلى 8 ساعات يوميًا.
  • الابتعاد عن مصادر التوتر مثل الأخبار السلبية أو الخلافات الأسرية.
  • المتابعة الطبية المنتظمة لمرضى الضغط والسكر والكوليسترول.
  • ممارسة المشي أو الرياضة المعتدلة للحفاظ على نشاط القلب.
  • التعبير عن المشاعر وعدم كبتها لفترات طويلة.

وأكد النمر أن الوقاية تبدأ من إدارة الغضب والسيطرة على الانفعالات، مشددًا على أن “القلب لا يمرض من الزعل في يوم واحد، بل من تراكم التوترات المستمرة عبر الزمن”.

رسالة توعوية من خالد النمر للمجتمع

وجه الدكتور خالد النمر رسالة للمجتمع عبر حساباته الرسمية، قال فيها:

“كلمة الزعل ليست بسيطة كما نعتقد، فالتوتر والانفعال الشديدان يرفعان احتمالية الجلطات وارتفاع الضغط المفاجئ. تعلم أن تهدأ، وأن تبتعد عن كل ما يسبب لك الأذى النفسي قبل أن يؤذي جسدك.”

وأكد أن الاهتمام بالصحة النفسية لا يقل أهمية عن تناول الأدوية أو مراجعة الطبيب، لأن الراحة النفسية تُعدّ علاجًا للقلب قبل أن تكون رفاهية.

إحصاءات ودراسات تدعم العلاقة بين الزعل والجلطات

تدعم العديد من الدراسات الطبية ما ذهب إليه الدكتور خالد النمر، إذ تشير أبحاث منشورة في مجلات طبية عالمية مثل Journal of the American Heart Association إلى أن الضغط النفسي الشديد يضاعف خطر الجلطة القلبية بنسبة تصل إلى 2.5 مرة لدى الأشخاص المصابين بتصلب الشرايين.

كما أظهرت دراسة أخرى أن الأشخاص الذين يعانون من قلق مزمن أو اكتئاب أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بغيرهم.

القلب والعقل.. علاقة لا تنفصل

يؤكد الأطباء أن صحة القلب ليست مسألة بدنية فقط، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة العقل والنفس. فحينما يتعرض الإنسان للزعل الشديد، لا يتألم قلبه مجازًا فحسب، بل فعليًا تتأثر عضلة القلب بفعل التغيرات الهرمونية المفاجئة.

ويختتم النمر حديثه قائلًا:

“القلب مرآة لمشاعرك، فإذا كنت تعيش في سلام داخلي، انعكس ذلك على سلامة قلبك.”

الخلاصة: الزعل ليس السبب لكنه الخطر الصامت

إن خلاصة ما أوضحه الدكتور خالد النمر هي أن الزعل لا يسبب جلطة القلب بمفرده، لكنه قد يسرّع حدوثها لدى من لديهم استعداد أو أمراض مزمنة.

لذا، فإن التوازن النفسي والهدوء الداخلي هما سلاحان أساسيان لحماية القلب من أخطر الأمراض، في وقت أصبحت فيه الضغوط اليومية والانفعالات السريعة جزءًا من نمط الحياة الحديثة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى