شاهد كيف اخترقت إسرائيل أجهزة «بيجر» Pager التابعة لحزب الله وسقوط العشرات ؟
البيجر هو جهاز اتصال لاسلكي صغير الحجم بدأ استخدامه في الستينيات من القرن الماضي كوسيلة رئيسية للاتصالات الطارئة. يُعتمد عليه لإرسال إشارات رقمية تُعلم المستخدم بأن شخصًا ما حاول الاتصال به، مما يجعله أداة ضرورية في العديد من البيئات الحرجة. ورغم أن انتشار الهواتف الذكية قد قلل بشكل كبير من استخدامه بين الناس، إلا أن البيجر لم يختفِ تمامًا، بل لا يزال يستخدم بشكل واسع في بعض القطاعات الحيوية.
يعمل البيجر من خلال نظام متردد لاسلكي يقوم بإرسال إشارات إلى المستخدم. ما يميز هذه التكنولوجيا هو بساطتها وموثوقيتها، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف تغطية الشبكات الخلوية أو عند حدوث انقطاعات في الخدمة. يتمتع البيجر بقدرة على العمل في ظروف يكون فيها الاتصال التقليدي غير متاح أو غير فعال، مثل حالات الكوارث الطبيعية أو الأزمات الصحية الطارئة، مما يجعله اختيارًا مفضلاً للكثير من المؤسسات التي تحتاج إلى نظام اتصالات غير معقد ولكنه فعّال.
ومع تطور تكنولوجيا الاتصالات في العقود الأخيرة، ظهر الهاتف المحمول وتطور بسرعة، ليصبح الوسيلة الأولى للتواصل. وقد أدى ذلك إلى انخفاض كبير في استخدام البيجر في الأوساط العامة، حيث تحول الناس تدريجياً إلى استخدام الهواتف الذكية التي توفر ميزات متعددة، بما في ذلك المكالمات الصوتية، الرسائل النصية، والبريد الإلكتروني، وتطبيقات التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، بقي البيجر يتمتع ببعض المزايا الفريدة التي تجعله ضروريًا في بعض المجالات.
في مجال الطب، لا يزال البيجر يُستخدم بشكل واسع من قبل الأطباء وفرق الإسعاف. السبب في ذلك هو أن البيجر يوفر وسيلة فعالة وسريعة للتواصل في الحالات الطارئة التي تتطلب سرعة الاستجابة دون الحاجة إلى التعامل مع تعقيدات الهواتف الذكية أو احتمال انقطاع الشبكة. على سبيل المثال، عندما يكون الطبيب في غرفة العمليات أو في بيئة تتطلب تركيزًا عاليًا، يكون من الأنسب تلقي إشعار على البيجر بدلًا من مقاطعة العمل بالرد على مكالمة هاتفية. وبفضل بساطته وموثوقيته، يُعتبر البيجر أداة لا غنى عنها في الحالات الطبية الطارئة.
وفي مجال الأمن والطوارئ، يُعتمد على البيجر في بعض الأحيان كوسيلة بديلة أو احتياطية للاتصال. في حالات الكوارث الطبيعية أو الحوادث الكبرى التي قد تتسبب في انهيار أنظمة الاتصالات التقليدية، يصبح البيجر وسيلة حيوية لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين الفرق المختلفة. تميز البيجر بقدرته على العمل حتى في ظروف بيئية صعبة أو في مناطق نائية جعله جزءًا أساسيًا من معدات فرق الإنقاذ والطوارئ.
وفي المجال العسكري، كان البيجر في العقود الماضية أداة شائعة بين القوات المسلحة للتواصل السريع والموثوق. ورغم تقدم التكنولوجيا العسكرية واستخدام الأقمار الصناعية وأجهزة الاتصالات الحديثة، إلا أن البيجر لا يزال يعتبر حلاً احتياطيًا ممتازًا في الحالات التي تتطلب أنظمة بسيطة وقابلة للاعتماد. قدرته على إرسال إشعارات دون الحاجة إلى تكنولوجيا متقدمة أو بنية تحتية معقدة تجعله خيارًا موثوقًا في بيئات العمليات الميدانية.
على الصعيد التاريخي، كان البيجر يستخدم بكثرة من قبل الأشخاص الذين يحتاجون إلى التواجد على مدار الساعة في أماكن مختلفة، مثل الأطباء، المهندسين، الموظفين في شركات الخدمات، وحتى العاملين في المجال الإعلامي. في تلك الفترة، كان البيجر يوفر وسيلة فعالة للتواصل دون الحاجة إلى البقاء في مكان محدد، مما أتاح حرية الحركة والتنقل للأفراد الذين يعتمد عليهم آخرون. وحتى في المجالات الأمنية، كان يستخدم البيجر للتواصل السريع بين الفرق المختلفة أو بين القيادة والميدان.
ورغم أن الهواتف الذكية والتكنولوجيا الحديثة أصبحت اليوم الوسيلة الرئيسية للاتصالات، إلا أن البيجر لا يزال يحتفظ ببعض الأهمية في مجالات معينة. قدرته على العمل حتى في ظروف ضعف الشبكة، وسرعة استجابته، وسهولة استخدامه تجعله خيارًا مفضلاً في المواقف الحرجة. يعتبر البيجر اليوم جزءًا من التراث التكنولوجي الذي أسس لثورة الاتصالات، لكنه في نفس الوقت يظل أداة فعالة وقادرة على التكيف مع متطلبات العصر.
يمكن القول إن البيجر هو أكثر من مجرد جهاز اتصال قديم، فهو رمز لتطور تكنولوجيا الاتصالات واستمرارها في تقديم الحلول المبتكرة. ورغم التقدم الكبير في هذا المجال، يبقى البيجر متفردًا بقدرته على توفير وسيلة اتصال بسيطة وموثوقة في الأوقات التي يكون فيها الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة غير ممكن. يظل هذا الجهاز الصغير جزءًا من حياة الأطباء، وفرق الطوارئ، وأحيانًا العسكريين، مما يثبت أن التكنولوجيا القديمة يمكن أن تستمر في تقديم قيمة حتى في عالم مليء بالابتكارات الحديثة.