براءة المتهمين في واقعة السويس صفع المسن تثير الجدل.. تفاصيل الحكم وأسباب البراءة الكاملة في قضية الفيديو الشهير

67 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث

أصدرت محكمة جنح السويس حكمها النهائي في القضية المعروفة إعلاميًا بـ “واقعة صفع المسن في السويس”، والتي أثارت موجة واسعة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية، بعد تداول مقطع فيديو يظهر فيه شاب وهو يصفع رجلًا مسنًا وسط الشارع، في مشهد اعتبره كثيرون مسيئًا للقيم الإنسانية والمجتمعية.

وجاء الحكم مفاجئًا للكثيرين، حيث قضت المحكمة بـ براءة جميع المتهمين من التهم المنسوبة إليهم، بعد أن تبين للمحكمة من خلال التحقيقات وسماع الشهود وفحص الأدلة أن الواقعة قد تم تضخيمها إعلاميًا وأنها لم تكن كما تم تصويرها في مقطع الفيديو المنتشر.

تفاصيل الواقعة من البداية

تعود أحداث الواقعة إلى منتصف شهر أكتوبر الماضي، حينما انتشر مقطع فيديو مدته لا تتجاوز 15 ثانية على منصات التواصل الاجتماعي، يظهر فيه شاب يقوم بصفع رجل مسن أمام أحد المحال التجارية في محافظة السويس، وسط دهشة المارة.
الفيديو، الذي تم تداوله على نطاق واسع، تسبب في موجة غضب واستياء شعبي، وطالب رواد مواقع التواصل بسرعة القبض على الشاب ومعاقبته بأشد العقوبات.

وبالفعل، تحركت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن السويس على الفور، وتم تحديد هوية الشاب الظاهر في المقطع، وضبطه هو وشخصين آخرين تواجدوا في موقع الحادث. وأحيلوا جميعًا إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم على ذمة التحقيقات بتهمة “الاعتداء على مواطن مسن وإهانته علنًا”.

دفاع المتهمين يكشف المفاجأة

وخلال جلسات التحقيق، أنكر المتهمون جميع التهم الموجهة إليهم، وأكدوا أن الفيديو المنتشر مجتزأ من سياقه الحقيقي، وأن ما حدث لم يكن اعتداءً متعمدًا، بل كان موقفًا عابرًا فُسّر بشكل خاطئ من قبل من صوّر الفيديو ونشره.
وأوضح الدفاع أن الشاب الذي ظهر في المقطع لم يقصد الإساءة إلى المسن، بل كان يحاول منعه من السقوط بعد أن فقد توازنه أثناء مشادة كلامية بسيطة نشبت بينهما، إلا أن زاوية التصوير أوحت بخلاف ذلك.

وفي مفاجأة قلبت موازين القضية، حضر المسن نفسه أمام المحكمة وأكد أنه لم يتعرض لأي اعتداء متعمد، مشيرًا إلى أن الشاب لم يصفعه بقصد الإهانة، وأنه لا يحمل أي ضغينة تجاهه. وأضاف أن الواقعة تم تضخيمها إعلاميًا دون وجه حق، وأنه فوجئ بانتشار الفيديو بهذه الصورة المسيئة.

المحكمة تفصل في القضية

بعد عدة جلسات استمعت فيها المحكمة إلى أقوال الشهود وممثلي الدفاع والنيابة، قررت في جلستها الأخيرة إصدار حكم البراءة لجميع المتهمين لعدم كفاية الأدلة، واستنادًا إلى شهادة المجني عليه التي نفت وجود نية الاعتداء أو الإهانة.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن “الفيديو المنتشر لا يُعد دليلًا قاطعًا على ارتكاب جريمة، إذ أنه تم تصويره من زاوية واحدة دون صوت واضح، ولم يتبين منه نية الفاعل أو ظروف الواقعة الكاملة”، مشيرة إلى أن التحقيقات لم تثبت توافر أركان الجريمة كما نص عليها القانون.

وأضافت المحكمة أن العدالة لا تُبنى على الانطباعات البصرية أو المقاطع المنتشرة على مواقع التواصل، وإنما على أدلة مادية قاطعة وشهادات موثوقة.

ردود فعل الرأي العام

الحكم أثار حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. فريق من المستخدمين اعتبر أن المحكمة أنصفت المتهمين وأعادت الأمور إلى نصابها الصحيح، خاصة بعد شهادة المسن نفسه، فيما رأى آخرون أن الحكم قد يفتح الباب أمام التهاون في مثل هذه الوقائع التي تمس كرامة كبار السن.

وتصدر وسم #براءة_المتهمين_في_السويس قوائم الترند على موقع “إكس” (تويتر سابقًا)، حيث كتب عدد كبير من المستخدمين تغريدات تتضمن آراء متباينة. بعضهم أشاد بالقضاء المصري ونزاهته، مؤكدين أن “العدالة انتصرت بعد ظهور الحقيقة”، فيما عبّر آخرون عن صدمتهم معتبرين أن الفيديو كان واضحًا ويعكس اعتداء صريحًا.

تصريحات قانونية حول الحكم

من جانبه، صرّح المحامي والخبير القانوني أحمد العوضي أن الحكم الصادر جاء متسقًا مع القانون، لأن الفيديو بمفرده لا يُعد دليلًا كافيًا دون شهادة المجني عليه أو أدلة مادية أخرى تثبت نية الإهانة أو الاعتداء.

وأضاف العوضي في تصريحاته الصحفية:

“القانون المصري يميز بين الاعتداء البدني المتعمد وبين سوء الفهم أو الاحتكاك العارض، وشهادة المجني عليه هنا كانت حاسمة لأنها نفت وجود أي قصد جنائي.”

بينما أشار خبير آخر إلى أن الحكم يعكس أهمية التحقق من صحة المعلومات المنتشرة عبر مواقع التواصل قبل إصدار الأحكام المجتمعية، إذ كثيرًا ما تؤدي المقاطع المقتطعة إلى تشويه الوقائع أو خلق انطباعات خاطئة.

موقف النيابة العامة

النيابة العامة، من جانبها، أكدت احترامها لأحكام القضاء، مشيرة إلى أنها قامت بدورها في التحقيق وجمع الأدلة، وأن المحكمة رأت بعد الدراسة أن عناصر الجريمة غير مكتملة.
وشددت النيابة في بيان رسمي على ضرورة التزام المواطنين بعدم تداول مقاطع الفيديو أو نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي دون التأكد من حقيقتها أو مصدرها، حفاظًا على خصوصية الأفراد وضمان سير العدالة.

الدروس المستفادة من الواقعة

كشفت واقعة السويس عن عدة جوانب مهمة تتعلق بتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الرأي العام، ودور الإعلام الرقمي في تشكيل الانطباعات. فقد أظهرت القضية أن المقاطع القصيرة قد تُحدث جدلًا واسعًا وربما تتسبب في ظلم لأشخاص أبرياء قبل أن تتضح الحقيقة الكاملة.

ويرى خبراء اجتماعيون أن انتشار مثل هذه القضايا يدعو إلى التوعية بضرورة عدم التسرع في الحكم على الآخرين، مؤكدين أن العدالة يجب أن تبقى في أيدي القضاء لا في ساحات السوشيال ميديا.

تأتي براءة المتهمين في واقعة السويس صفع المسن لتغلق واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام خلال الأسابيع الماضية. وبرغم انقسام الشارع حول الحكم، فإن القضاء قال كلمته بعد دراسة دقيقة للملف، واستند إلى الأدلة القانونية وشهادة المجني عليه.

وتعيد هذه الواقعة التذكير بأهمية تحري الحقيقة وعدم الانسياق وراء المقاطع المنتشرة على الإنترنت دون معرفة سياقها الكامل، فكم من فيديو بدا صادمًا للوهلة الأولى، لكن خلفه قصة مغايرة تمامًا.

في النهاية، تبقى العدالة عنوانًا للدولة، ويبقى القضاء المصري هو الحَكَم الحقيقي بين الناس، يزن الأمور بميزان القانون لا بالعاطفة أو الضغوط الإعلامية. وبينما يطوي هذا الحكم صفحة جدل كبير، يظل الدرس الأهم هو أن الحقيقة لا تُختصر في مقطع فيديو، وأن الثقة في العدالة تبقى أقوى من أي ترند مؤقت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى