الشريان يصف عبدالله القصيمي بأهم مفكر عربي في القرن العشرين.. ويكشف آراؤه الجريئة عن الثائر السياسي والفكر الحر

في تصريح أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والفكرية، وصف الإعلامي السعودي داود الشريان المفكر السعودي الراحل عبدالله القصيمي بأنه أهم مفكر عربي في القرن العشرين، معتبرًا أن أفكاره الجريئة وتحولاته الفكرية المثيرة جعلت منه رمزًا استثنائيًا في تاريخ الفكر العربي الحديث.
وخلال حوار متلفز حديث، تحدث الشريان بإعجاب واضح عن القصيمي، مشيرًا إلى أنه “سبق عصره بعقود طويلة”، وأنه “كان يملك شجاعة فكرية لم تتوفر لغيره من المفكرين العرب في زمنه”، كما كشف عن بعض الآراء التي طرحها القصيمي حول الثائر السياسي والمثقف العربي، وهي آراء لا تزال مثار نقاش حتى اليوم بين الباحثين والمثقفين.
من هو عبدالله القصيمي؟
يُعد عبدالله القصيمي من أبرز وأجرأ المفكرين العرب الذين أثاروا الجدل في القرن العشرين. وُلد في منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية عام 1907، وبدأ حياته كطالب في الأزهر الشريف بالقاهرة، حيث برز في الدراسات الدينية في بداياته، قبل أن يتجه لاحقًا إلى الفكر الفلسفي والنقدي الذي شكّل صدمة للكثير من معاصريه.
عرف القصيمي بكتبه التي تناولت قضايا الدين، والحرية، والنهضة، والعقل العربي، ومن أبرز مؤلفاته:
- “هذه هي الأغلال”
- “العرب ظاهرة صوتية”
- “يكذبون كي يروا الله جميلًا”
- “الإنسان يعصي.. لهذا يُفكِّر”
كل هذه الأعمال كانت بمثابة ثورة فكرية في زمنٍ كانت فيه حرية الرأي محدودة، ما جعل القصيمي شخصية مثيرة للجدل ومحط اهتمام في العالم العربي والغربي على حد سواء.
الشريان: القصيمي ثائر بالفكر لا بالسلاح
قال داود الشريان في حديثه:
“عبدالله القصيمي لم يكن ثائرًا سياسيًا يحمل السلاح أو يسعى لقلب الأنظمة، بل كان ثائرًا بالفكر والقلم. تمرّد على القوالب الفكرية الجامدة وواجه التيارات المحافظة بجرأة، دون أن يفقد اتزانه أو منطقه.”
وأوضح الشريان أن القصيمي كان يرى أن “الثائر الحقيقي ليس من يهدم النظام السياسي، بل من يهدم الجهل والخوف من التفكير”. وهي مقولة تلخّص رؤيته العميقة لمفهوم التغيير، إذ كان يؤمن بأن الإصلاح يبدأ من تحرير العقل العربي لا من الصراع على السلطة.
القصيمي والثائر السياسي
من أبرز ما كشفه الشريان في حديثه، هو رؤية القصيمي لما يسمى بـ “الثائر السياسي”، إذ كان يعتبر أن أغلب من يرفعون شعار الثورة في العالم العربي إنما يسعون للسلطة لا للحرية.
وقال الشريان نقلًا عن القصيمي:
“الثائر السياسي العربي يريد أن يحرر الناس من الظلم، ثم يستبدل ظلمه بظلمه هو. إنه يثور على الطغيان ليصير طاغية جديدًا.”
هذه العبارة العميقة تلخّص نظرة القصيمي النقدية للواقع السياسي العربي، وتكشف عن بُعد فلسفي وإنساني في فكره، إذ لم يكن يثق في الوعود الثورية بقدر ما كان يؤمن بالتحرر العقلي والتنوير الفكري.
فكر القصيمي بين الحرية والدين
لم يكن عبدالله القصيمي مفكرًا عاديًا، بل كان أشبه بـ “مرآة العقل العربي”، يعكس تناقضاته ويكشف عوراته الفكرية.
تناول في كتاباته موضوعات حساسة مثل حرية الفكر، والشك، والإيمان، والعقلانية، والسلطة الدينية والسياسية.
وقد قال عنه أحد النقاد العرب:
“لو وُلد القصيمي في أوروبا، لاعتُبر من كبار فلاسفة الحداثة، لكنه وُلد في بيئة لم تتقبل التمرد الفكري بسهولة.”
ويرى داود الشريان أن القصيمي لم يكن ضد الدين كما اتُّهم، بل كان ضد استغلال الدين في تكميم الأفواه ومصادرة الفكر.
إرث فكري باقٍ رغم الصمت
ورغم أن عبدالله القصيمي عاش في عزلة فكرية خلال سنواته الأخيرة، فإن إرثه الفكري ما زال حاضرًا بقوة حتى اليوم، خاصة بين المثقفين الشباب الذين يجدون في كتاباته شجاعة نادرة في مواجهة التابوهات الفكرية.
وأكد الشريان أن الزمن أنصف القصيمي بعد وفاته، حيث أصبح اليوم يُدرَّس في الجامعات، وتُناقش أفكاره في المنتديات الثقافية، بعدما كانت كتبه تُمنع من التداول في عدد من الدول العربية.
ردود فعل واسعة على تصريحات الشريان
أحدثت تصريحات داود الشريان موجة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض:
- فريق يرى أن الشريان أنصف القصيمي ووضعه في مكانته الحقيقية كمفكر عربي حرّ.
- وفريق آخر اعتبر أن القصيمي تجاوز الخطوط الحمراء في نقده للدين والمجتمع.
لكن الجميع اتفق على أن الشريان أعاد فتح ملف أحد أكثر المفكرين إثارة للجدل في التاريخ العربي الحديث، وأن النقاش حوله لا يزال ضروريًا لفهم تطور الفكر في المنطقة.
القصيمي.. المفكر الذي صدم الجميع
يقول النقاد إن عبدالله القصيمي كان “صوتًا خارج السرب”، لأنه لم ينتمِ لأي تيار فكري أو سياسي، بل وقف ضد الجميع تقريبًا.
انتقد المؤسسة الدينية والسياسية، وانتقد المثقفين الذين يهادنون السلطة، وحتى الجماهير التي ترفض التفكير المستقل.
ويقول الشريان:
“القصيمي كان مثل المرآة التي تضع أمامك حقيقتك بوضوح، لذلك كرهه البعض وخاف منه البعض الآخر.”
تصريحات داود الشريان عن عبدالله القصيمي أعادت الجدل حول أحد أهم المفكرين العرب في القرن العشرين، وأحيت النقاش حول حرية الفكر، ومفهوم الثورة، ودور المثقف العربي.
فالقصيمي، رغم الجدل حوله، يبقى رمزًا للجرأة الفكرية في زمنٍ كان الصمت هو القاعدة.
وربما كان الشريان على حق حين قال:
“القصيمي لم يمت، لأن كل من يجرؤ على التفكير الحرّ يواصل حياته في عقول الناس.”








