هل مصر هي لبنان جديد

Is Egypt the new Lebanon

هل مصر هي لبنان جديد (Is Egypt the new Lebanon)، حيث عانت مصر اقتصاديا خاصة بعد جائحة كورونا، وبعد الحرب الروسية الأوكرانية. انخفضت قيمة الجنيه، وارتفعت الأسعار، وأصبحت الكثير من الطبقات الاجتماعية تعاني خاصة الفقراء ومتوسطي الدخل. هنا نعرض أوجه التشابه والاختلاف بين مصر ولبنان في إطار التساؤل هل مصر هي لبنان جديد.

هل مصر هي لبنان جديد


عند النقاش هل مصر هي لبنان جديد أصبحت أسعار المواد الغذائية متضاعفة، وانخفضت الرواتب إلى النصف، كما قيدت البنوك عمليات السحب. يعاني معظم المصريين في الوقت الحالي من نفس المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون، ولكن إذا ساءت الأمور في مصر فستكون التداعيات أكثر ضررا. انخفضت قيمة الجنيه المصري، وتغير شراء البقالة بالنسبة للعديد من المصريين من الطبقة الوسطى، وأصبحوا أكثر صرامة في مراقبة العملة.

أوضح أحمد حسن وهو من حي شبرا في القاهرة ، ويبلغ من العمر 40 عامًا، وهو محاسب وأب لثلاثة أطفال ( أنه بدل من شراء 3 كيلوات من الأرز عند التسوق أصبحنا نشتري كيلو أو نصف كيلو). كما قال (نحاول خفض نفقاتنا لكن للأسف لا يمكننا تقييد كل شيء لأن أطفالنا يحتاجون إلى أشياء معينة).

انخفضت قيمة العملة المصرية بنحو الثلث منذ أواخر أكتوبر، ويبلغ التضخم حاليا أكثر من 20 % رغم أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن الأمر أسوأ من ذلك، بل إنهم قدروا المعدل غير الرسمي، والذي يشمل الاقتصاد غير الرسمي الضخم في مصر ما يصل إلى 101%.

فقد تضاعفت أسعار المواد الغذائية، وقيدت البنوك مقدار السيولة النقدية التي يمكنك سحبها من حساباتك وهو  مشابه لما يحدث في لبنان والتي تتعامل معه منذ عام 2019.

“اقرأ أيضا: 5 طرق لمواجهة الأزمة الاقتصادية في مصر

أوجه تشابه ملحوظ بين مصر ولبنانأوجه تشابه بين مصر ولبنان

ذهب السكان المحليون اليائسون في لبنان إلى سرقة بنوكهم من أجل سحب مدخراتهم، وأصبحت المدن مظلمة بسبب نفاد الوقود من محطات الطاقة، ودفعت الطبقة الوسطى إلى الديون.

حتى الآن، لم تصل في مصر إلى هذا الحد، لكن مع استمرار الأخبار الاقتصادية السيئة يتساءل البعض: هل يمكن قريبا أن تكون مصر لبنان جديد.

في إطار الحديث هل مصر هي لبنان جديد فقد كتب روبرت سبرينجبورج (Robert Springborg) وهو الأستاذ المساعد في جامعة سيمون فريزر الكندية، من خلال تقرير صدر عام 2022 لصالح منظمة غير ربحية مقرها في واشنطن مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط ( هناك أوجه تشابه ملحوظ بين الاقتصاد اللبناني الفاشل الآن والاقتصاد المصري المتعثر).

وحذر من أن عواقب انهيار الثقة في لبنان كانت مدمرة لكنها ستصبح شبه تافهة لو تكررت على نطاق مصري.
المشكلات الاقتصادية الحالية في مصر هي نتيجة لعدد من القضايا الداخلية المختلفة ومنها الاضطرابات السياسية والفساد وسوء الإدارة الحكومية والتي اجتمعت مؤخرا مع الأزمات الخارجية مثل وباء كوفد-19 والحرب في أوكرانيا بالإضافة إلى التهديد بالركود العالمي.

“اقرأ أيضا: لماذا يجب على المصريين الاستثمار في الذهب

سوء الإدارة الاقتصادية

سوء الإدارة الاقتصادية

قضى وباء كوفد 19 على السياحة المصرية، والتي تعد من أكبر مصادر الدخل في البلاد، كما عطلت الحرب الروسية الأوكرانية إمدادات القمح إلى مصر وهي أكبر مستورد للقمح في العالم.

منذ عام 2014، روجت الحكومة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، (المشاريع الوطنية الضخمة) مثل: أطول خط سكة حديد أحادي دون سائق في العالم بتكلفة 23 مليار دولار (21 مليار يورو)، ومدينة جديدة بالكامل وهي العاصمة الإدارية الجديدة وهي تقع بالقرب من القاهرة تكلفتها 50 مليار دولار (46 مليار يورو).

قد أدت هذه العوامل إلى نمو مصطنع في البلاد، وترتبط العديد من المشاريع أيضًا بشبكة الأعمال التجارية الضخمة التي تدر المال في الجيش المصري ويمكن ذلك مختلفا عن لبنان عند الحديث هل مصر هي لبنان جديد  وأزمتها.

مثل هذه السياسات، والتي تسمح للشركات المملوكة للدولة والجيش بالسيطرة على الاقتصاد؛ أدت إلى ركود في القطاع الخاص في مصر، وإحباط الاستثمار الأجنبي، وجعلت البلاد أكثر اعتمادًا على الديون من أجل بقائها. تدين مصر بأكثر من 155 مليار دولار (138 مليار يورو)، ويذهب ما يقرب من ثلث دخلها القومي لخدمة هذا الدين الخارجي.

كتب رباح أرزقي وهو كبير الاقتصاديين السابقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي (أن كل هذه العوامل اجتمعت في الآونة الأخيرة لوضع مصر على شفا هاوية مالية واقتصادية).

قال يزيد صايغ ، وهو كبير زملاء مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت أن السبب وراء هذا التأثير الكبير للوباء وحرب أوكرانيا هو استراتيجية الاستثمار التي قادها السيسي لمدة تسع سنوات: أي الإنفاق الهائل على المشاريع الضخمة، والتي كان بعضها غير ضروري. وأضاف أن هذا جعل المالية المصرية ضعيفة دون أن يوفر للاقتصاد أي مكاسب حقيقية.

وقال صايغ أيضا إن بعض الدول في الخارج مثل ألمانيا والولايات المتحدة مسؤولة جزئيا عن ذلك؛ حيث لم يكن السيسي ليتمكن من زيادة ديون مصر بنسبة 400٪ دون تدخلهم المباشر.

“قد يهمك أيضا: تعويم الجنيه وارتفاع الدولار

دولتان لا يمكن مقارنتهما


وفي إطار النقاش هل مصر هي لبنان جديد علينا أن نناقش بعض أوجه التشابه بين مصر ولبنان فمستويات الفقر في مصر على سبيل المثال، تقترب من مستوياتها في لبنان حيث يعيش 60٪ على الأقل من المصريين في فقر أو بالقرب من خط الفقر.

قال تيموثي كالداس، الخبير في الاقتصاد السياسي المصري، وزميل السياسة في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: هناك رغبة لدى النخبة السياسية في إثراء أنفسهم بقسوة على حساب الدولة والشعب، وهذا بالتأكيد شيء يشترك فيه البلدان أيضًا.

قال يزيد صايغ من معهد كارنيجي: ( على الرغم من بعض أوجه التشابه، فإن أشياء مثل الفقر والفساد شائعة في العديد من البلدان العربية، لذلك لا يمكنك إجراء مقارنات بسيطة). كما أن الحكومة المصرية ليست فاسدة مثل لبنان أي مصر تختلف عن لبنان عن السؤال هل مصر هي لبنان جديد. وتابع كالداس: على الرغم من كل مشكلاتها، فإن مصر بشكل أساسي في وضع أكثر استقرارًا من لبنان. وأضاف (أنها ليست على وشك الانهيار التام بالطريقة التي كان عليها لبنان).

وأشار كلداس إلى أن الاقتصاد المصري لديه مصادر نقدية محتملة أكثر من لبنان، مثل قناة السويس والسياحة والتصدير. أما لبنان كان أكثر اعتماداً على التحويلات المالية من المغتربين للحصول على النقد الأجنبي، وقبل الأزمة الحالية، فقد كان هؤلاء يشكلون ما يصل إلى ربع الدخل القومي اللبناني. كما أشار كلداس، أنه يمكن التفاوض مع القيادة المصرية بينما في لبنان ما زالوا يكافحون لاختيار رئيس جديد وهي ضمن الأمور التي تؤكد اختلاف مصر عن لبنان في إجابتنا هل مصر هي لبنان جديد.

مصر أكبر من أن تفشل؟

وفي إطار الكلام هل مصر هي لبنان جديد  ينبغي الحديث عن الاختلاف كبيرًا بين بين مصر ولبنان هو أن مصر يُنظر إليها عمومًا على أنها أكبر من أن تفشل. يبلغ عدد سكانها حوالي 107 مليون نسمة، وهي الدولة الأكثر كثافة بالسكان في المنطقة، كما أن لديها أقوى جيش في الشرق الأوسط.

وأوضح كالداس أن ما يجعل مصر محظوظة هو أن الداعمين الخارجيين يولون أهمية أكبر لاستمرارية الدولة، بغض النظر عن مدى سوء إدارتها، أكره أن أقول هذا، لكن من وجهة نظر الداعمين الخارجيين الرئيسيين، فإن مشاكل لبنان يمكن التحكم فيها واحتوائها بشكل أكبر بكثير مما لو كانت تحدث في بلد يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة.

وافق صندوق النقد الدولي على حزمة دعم بقيمة 3 مليارات دولار لمصر في منتصف ديسمبر، وهذا هو الترتيب الثالث من نوعه في البلاد مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، ومن المفترض أن يساعد مصر في جذب المزيد من الاستثمارات من الخارج، بالإضافة إلى المزيد من المساعدات المالية.

وعدت القاهرة بالإصلاحات

وعدت القاهرة بالإصلاحات

كان على الحكومة المصرية تقديم العديد من التنازلات المهمة لصندوق النقد الدولي لإتمام الصفقة. أحدها يعتمد على جعل سعر صرف العملات الأجنبية أكثر مرونة، كان جزءًا من المشكلة التي أدت إلى انخفاض قياسي في قيمة الجنيه المصري هو حقيقة أنه تم ربطه بالدولار الأمريكي.

يتضمن طلب آخر من صندوق النقد الدولي وعدًا بإرسال تحويلات نقدية مباشرة إلى 5 ملايين أسرة مصرية فقيرة. التزام آخر من جانب القاهرة كان الوعد أن تكبح جماح الإمبراطورية الاقتصادية الشاسعة للجيش المصري، وحقيقة أن مصر وافقت أخيرًا على القيام بذلك وهذا الأمر يختلف عن لبنان يجب علينا ذكره عند الحديث هل مصر هي لبنان جديد.

قد تعيد خطة الإنقاذ الجديدة من صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund)  مصر من حافة الهاوية مرة أخرى، لكن من الصعب القول ما إذا كان بإمكانها توفير إغاثة حقيقية للمواطنين الذين طالت معاناتهم.

قال كالداس إن الحكومة والنخب في البلاد ستحاول الاحتفاظ بمزاياها وثروتها، مع السعي دائمًا للتخلص من التنازلات حول تقليل القوة الاقتصادية للجيش.

لكن كالداس قال إنه حتى إذا تم استيفاء جميع الشروط الواردة في حزمة صندوق النقد الدولي، فإن تعافي البلاد لن يتحقق بسرعة.

وقال كالداس المصريون الذين يكافحون بالفعل سيزدادون فقرًا خلال العام المقبل، وخلص إلى أنه من غير المرجح أن تصبح مصر لبنان قادم عند سؤالنا هل مصر هي لبنان جديد، لكن لا شيء يمنع تزايد المصاعب الاقتصادية للمصريين في العام المقبل.

في إطار الحديث  هل مصر هي لبنان جديد فهناك بعض التشابهات بين الأزمة الاقتصادية في مصر والأزمة الاقتصادية في لبنان، ويوجد أيضا بعض الاختلافات، لكن على أغلب آراء المتخصصين لن يكون الاقتصاد المصري في انهياره مثل لبنان، وإن عانى المصريون بسبب الغلاء والفقر، أي أن الإجابة على تساؤلنا هل مصر هي لبنان جديد هو التقارب فقط.

ahmed salem

مؤسسة مجلة كيميت الآن، حاصلة على درجة الماجستير، مؤمنة بالحريات والإنسانية، مهتمة بنشر الاخبار علي مستوي العالم ، فكما يقال أن القلم أقوى من السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
ارسال اشعارات نعم لا شكرا