يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا: حكمها، مقدارها هذا العام 2025 وفضل الزيادة فيها

زكاة الفطر هي فريضة على كل مسلم قادر، تُخرَج في نهاية شهر رمضان المبارك طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وتكملةً لأجر الصيام. وقد شرعها الله سبحانه وتعالى لتكون وسيلة للتكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمساكين يوم العيد. ومن المسائل التي يكثر الحديث عنها كل عام مسألة جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا بدلاً من إخراجها من الحبوب والطعام، ومقدارها المقدر لهذا العام، وهو ما سنناقشه في هذا المقال مستندين إلى الأدلة الشرعية وآراء الفقهاء.
ما هي زكاة الفطر؟
زكاة الفطر هي صدقة واجبة على كل مسلم، ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، يملك ما يزيد عن حاجته وحاجة من يعول ليلة العيد. وقد فرضها النبي ﷺ في السنة الثانية من الهجرة، وحدد مقدارها بصاعٍ من تمر أو شعير أو غيره من قوت أهل البلد. وجاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
“فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين.” (رواه البخاري ومسلم).
حكم إخراج زكاة الفطر نقدًا
اختلف الفقهاء في جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا على قولين رئيسيين:
- الرأي الأول: يرى جمهور العلماء، ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة، أن زكاة الفطر يجب أن تُخرَج من الطعام، استنادًا إلى الأحاديث النبوية التي نصت على إخراجها من أصناف معينة من الحبوب والطعام.
- الرأي الثاني: يرى الحنفية وبعض العلماء المعاصرين أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا إذا كان ذلك أنفع للفقير وأيسر له في قضاء حاجاته. واستدلوا على ذلك بمقاصد الشريعة التي تهدف إلى تحقيق مصلحة الفقراء وسد حاجتهم يوم العيد، إذ قد تكون النقود أنفع للفقير من الطعام في كثير من الأحيان.
قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: “إن المقصود من زكاة الفطر هو إغناء الفقير عن السؤال يوم العيد، والنقود قد تحقق هذا المعنى أكثر من الطعام.”
أدلة القائلين بجواز إخراجها نقدًا
- قول النبي ﷺ: “أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم.” (رواه البيهقي).
- القياس على الزكاة في الأموال، إذ إن الله سبحانه وتعالى أوجب فيها إخراج القيمة (النقد).
- حاجة الفقير قد لا تقتصر على الطعام وحده، فقد يحتاج إلى ثمن ملابس أو دواء أو غير ذلك من ضروريات الحياة.
مقدار زكاة الفطر هذا العام
أعلنت دار الإفتاء المصرية أن الحد الأدنى لمقدار زكاة الفطر لهذا العام هو 35 جنيهًا للفرد. وقد تم تحديد هذا المبلغ بناءً على سعر القوت الأساسي الذي هو القمح، وفقًا لأسعار السوق الحالية. ويجوز إخراجها من أول شهر رمضان إلى قبل صلاة العيد، ويُستحب تعجيلها ليتمكن الفقير من الاستفادة منها في يوم العيد.
وقد أوضحت دار الإفتاء أن من زاد على هذا القدر فهو خير له، لما فيه من زيادة النفع للفقراء والمحتاجين. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “من أدى زكاة ماله طابت نفسه وزكاها الله.”
أفضل وقت لإخراج زكاة الفطر
اتفق الفقهاء على أن أفضل وقت لإخراج زكاة الفطر هو قبل صلاة العيد، كما ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
“فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.” (رواه أبو داود وابن ماجه).
فضل الزيادة في زكاة الفطر
إخراج زكاة الفطر بالحد الأدنى يحقق الواجب الشرعي، لكن من زاد على ذلك طوعًا فهو مأجور عند الله سبحانه وتعالى. الزيادة في زكاة الفطر تدخل في باب الصدقة والإحسان، وقد قال الله تعالى:
“مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” (البقرة: 261).
كما أن زيادة المبلغ تساهم في تخفيف معاناة الفقراء وتوفير احتياجاتهم المختلفة، وهو ما يتماشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق التكافل والتضامن الاجتماعي بين المسلمين.
إخراج زكاة الفطر من النقود بدلاً من الطعام هو رأي معتبر عند بعض الفقهاء، وتحديد قيمتها بمبلغ 35 جنيهًا للفرد هذا العام يحقق المقصود الشرعي في سد حاجة الفقير. ومن زاد على هذا المبلغ طوعًا فقد نال أجر الصدقة وحقق معنى التكافل الاجتماعي. فلنبادر إلى إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدد، ولنحرص على أن تصل إلى مستحقيها بقدر الإمكان، حتى يعم الخير وتسود البركة في يوم العيد المبارك.