د. عمر صبحي يكشف أسرار تراجع أداء الاهلي رغم اللعب على الأرض

في عالم الرياضة، لم تعد المهارات البدنية وحدها كافية لتحقيق الفوز والتميز، بل أصبح الجانب النفسي عاملاً حاسمًا قد يحدد مصير المباريات. في هذا السياق، تحدث الدكتور عمر صبحي، أستاذ علم النفس الرياضي، عن أحد أهم العوامل التي تؤثر على الأداء الجماعي للفرق الرياضية، خاصة عندما يلعب الفريق على أرضه وبين جمهوره، لكنه يختار اعتماد خطة دفاعية مفرطة.

 

خلال لقائه مع الإعلاميين رشا مجدي وعبيدة أمير، عبر برنامج «صباح البلد» المذاع على قناة «صدى البلد»، أوضح د. عمر صبحي أن الفريق أظهر حالة من القلق الجماعي، جعلته يدخل المباراة بخوف واضح من استقبال أهداف، بدلاً من المبادرة بالهجوم والسعي لتسجيل الأهداف، مما انعكس سلبًا على الأداء طوال مجريات اللقاء.

 

يشير د. عمر إلى أن الخوف الجماعي حالة نفسية معقدة تنتشر بين أعضاء الفريق بسرعة، فتؤثر على تماسكهم وتركيزهم. حين يسيطر القلق على اللاعبين، يتحول أداؤهم إلى رد فعل دفاعي بدلاً من أن يكون هجوميًا وإبداعيًا. هذا الشعور بالخوف يجعلهم أكثر ترددًا في اتخاذ القرارات داخل الملعب، ويزيد من احتمالية ارتكاب الأخطاء البسيطة التي قد تكلف الفريق كثيرًا.

 

ويضيف أن اللعب على الأرض وأمام الجماهير قد يُفترض أن يمنح اللاعبين دفعة معنوية إضافية، إلا أن التوقعات العالية والضغط الجماهيري أحيانًا تؤدي إلى نتائج عكسية، فتزيد من عبء المسؤولية على اللاعبين، مما يجعلهم يتبنون أسلوبًا حذرًا ومبالغًا في التحفظ الدفاعي.

 

لفت د. عمر صبحي أيضًا إلى أن تسجيل هدف مبكر ثم الاحتفال به بشكل مفرط، قد يخلق لدى اللاعبين إحساسًا زائفًا بالأمان. هذا الشعور يؤدي غالبًا إلى انخفاض الحافز الهجومي، والاعتماد على الحفاظ على النتيجة بدلاً من تعزيز التقدم بهدف آخر.

 

وأوضح أن اللاعبين بعد الهدف شعروا بأن المهمة قد أنجزت، ففقدوا التركيز والانضباط التكتيكي المطلوبين، مما أدى إلى تراجع في الأداء الجماعي، وفتح المجال أمام الخصم لاستعادة ثقته وبناء هجماته بشكل أكثر فاعلية.

 

جانب آخر بالغ الأهمية سلط عليه د. عمر صبحي الضوء، وهو غياب التواصل الإيجابي الفعّال بين اللاعبين ومدربهم. التواصل هنا لا يقتصر على التعليمات الفنية والتكتيكية، بل يشمل كذلك الدعم النفسي والتحفيز العاطفي.

 

وأكد أن أي شرخ أو ضعف في العلاقة بين اللاعبين والجهاز الفني ينعكس مباشرة على أرض الملعب، مشيرًا إلى أن غياب الثقة المتبادلة يؤدي إلى انتشار الإحباط، وفقدان الحماس، ويزيد من تفكك الخطوط داخل الفريق أثناء المباريات الحاسمة.

 

لم يغفل د. عمر تأثير الجماهير على الحالة الذهنية للاعبين، إذ أشار إلى أن حالة التشاؤم المستمرة تجاه أداء المدرب، وخاصة الانتقادات المتكررة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، تؤثر على مناخ الفريق ككل.

 

وأوضح أن اللاعبين يتأثرون بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الأجواء المشحونة، مما يولد لديهم شعورًا بعدم الثقة في الاستراتيجية المعتمدة أو في قدرتهم على تحقيق الفوز، فينعكس ذلك في صورة أداء باهت ومتردد داخل الملعب.

 

وشدد د. عمر صبحي في حديثه على أهمية الإعداد النفسي ليس فقط للاعبين بل أيضًا للمدربين، موضحًا أن الجانب النفسي هو جزء لا يتجزأ من عملية الإعداد الرياضي الحديثة.

 

فالإعداد البدني والفني قد يجهز اللاعب من الناحية المهارية واللياقية، لكن دون تجهيز نفسي قوي، قد ينهار تحت وطأة الضغوط الجماهيرية والإعلامية أو رهبة المباريات المصيرية.

 

أشار أيضًا إلى أن البرامج التدريبية الحديثة يجب أن تتضمن جلسات لتحسين الذكاء العاطفي للاعبين، وتعليمهم كيفية إدارة الضغط النفسي، وكذلك كيفية استعادة التركيز بسرعة بعد ارتكاب الأخطاء أو استقبال هدف.

 

في ختام حديثه، قدّم د. عمر صبحي مجموعة من التوصيات العملية التي يمكن أن تساهم في تعزيز الأداء الذهني للفريق، منها:

 

تعزيز ثقافة الفوز: عبر بناء عقلية جماعية تعتمد على الطموح والثقة بالنفس بدلاً من الخوف من الخسارة.

 

برامج دعم نفسي منتظمة: تشمل تدريبات على تقنيات التنفس العميق، التحكم في القلق، وإدارة الضغوط قبل وأثناء المباريات.

 

تحسين العلاقة مع الجماهير: من خلال حملات إعلامية إيجابية تظهر الدعم والثقة باللاعبين والجهاز الفني، مما يخفف من الضغوط السلبية.

 

دورات تدريبية للمدربين: تركز على المهارات القيادية والتحفيزية، وكيفية التعامل مع اللاعبين في حالات الانتصار والهزيمة.

 

زيادة التواصل الإيجابي داخل الفريق: عبر إنشاء قنوات مفتوحة بين اللاعبين والمدربين، تسهل التعبير عن الآراء والمخاوف بشكل بنّاء.

 

إن الأداء الرياضي الناجح لا يقوم على القدرات البدنية وحدها، بل يعتمد بشكل كبير على الحالة النفسية للاعبين والجهاز الفني على حد سواء.

 

ما أوضحه د. عمر صبحي يفتح الباب واسعًا لإعادة النظر في كيفية إعداد الفرق الرياضية، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة التي يفرضها الإعلام والجماهير.

 

تجاوز حالة القلق الجماعي، وتبني خطط أكثر توازنًا، وتعزيز التواصل الداخلي، كلها مفاتيح ضرورية لبناء فريق قوي قادر على المنافسة وتحقيق الانتصارات، ليس فقط على أرضه بل في كل ميادين التحدي.

 

 

 

 

ahmed salem

مؤسسة مجلة كيميت الآن، حاصلة على درجة الماجستير، مؤمنة بالحريات والإنسانية، مهتمة بنشر الاخبار علي مستوي العالم ، فكما يقال أن القلم أقوى من السيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى