لن تفارق عيناك ملامحه: الشهيد العميد أحمد زكي رمز الطيبة والتضحية
وقت النشر : 2025/01/17 02:36:59 PM
لن تفارق عيناك ملامحه الطيبة، ولن تنسى قسماته التي كانت تشع وداعة وابتسامة دائمة. وجهه كأنه يحمل في ملامحه صورة الأب الحنون، إنه الشهيد العميد أحمد زكي، الذي استشهد يوم الأربعاء الموافق 23 أبريل 2014، في حادثة إرهابية أليمة هزت قلوب المصريين. تلك الجريمة البشعة التي استهدفت سيارته في حي أكتوبر كشفت عن فقدان رجل عاش حياته لخدمة وطنه، ومضى شهيدًا إلى ربه تاركًا إرثًا من الحب والاحترام في قلوب كل من عرفه.
صباح الشهادة: تفاصيل اللحظات الأخيرة
في يوم الأربعاء المشؤوم، استيقظ الشهيد العميد أحمد زكي كعادته مبكرًا، ليؤدي صلاة الفجر. عاد بعدها إلى شقته، ارتدى ملابسه المدنية، وودع زوجته وأطفاله قبل أن ينزل إلى سيارته في تمام السابعة وعشر دقائق صباحًا. كان سائقه وأمين الشرطة المكلّف بحراسته قد تأخرا قليلًا، وعندما وصلا أخبراه أنهما كانا منشغلين بشراء السجائر. لم يُبدِ الشهيد أي غضب، واكتفى بقول: “بسم الله الرحمن الرحيم”، قبل أن يركب السيارة ويبدأ يومه.
لم تمضِ سوى 10 أمتار حتى انفجرت السيارة، ليُصاب زكي بإصابات بالغة، منها بتر إحدى قدميه. تم نقله على الفور إلى المستشفى، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله، تاركًا خلفه دموع أسرته وألم جيرانه وزملائه.
مكان الجريمة: حزن لا ينتهي
لا تزال آثار الحادث ماثلة في المكان؛ بارود وبقع دماء، وحذاء الشهيد الذي تمزق بفعل الانفجار. أهالي المنطقة لم يتوقفوا عن الحديث عن الشهيد الطيب:
“ده كان راجل جدع، طيب، بيحب الخير لكل الناس. عمره ما زعل حد.”
كان زكي يعيش في شقة متواضعة بالإيجار مقابل 500 جنيه شهريًا، ما يعكس حياة البساطة والتواضع التي عاشها هذا الرجل الذي قضى حياته في خدمة وطنه.
حياته المهنية: رحلة عطاء لا تنتهي
بدأ العميد أحمد زكي مسيرته المهنية في معسكر قوات الأمن المركزي بالجيزة في 16 سبتمبر 1984، بعد تخرجه من كلية الشرطة. تدرّج في الرتب العسكرية بجدارة، بدءًا من ملازم أول عام 1985، ثم نقيب عام 1988، ورائد عام 1994، وصولًا إلى رتبة عميد عام 2012.
عمل في العديد من المناصب المهمة، منها:
- قائد سرية في مركز تدريب الجيزة.
- قائد التدريب بمركز الجيزة.
- مشرف على فرق مكافحة الإرهاب.
- قائد الكتيبة الرابعة بقطاع خالد بن الوليد.
- قائد ثان لقطاعي البحر الأحمر والأقصر.
- وأخيرًا، مدير إدارة شئون الخدمات بقطاع الأمن المركزي.
لم يكن الشهيد قائدًا فقط، بل كان أخًا وأبًا لكل من عمل معه، يتميز بالتواضع والطيبة التي جعلته محبوبًا لدى زملائه وضباطه ومجنديه.
داخل معسكر عمر بن الخطاب: رمز للنزاهة والعدل
في معسكر عمر بن الخطاب، حيث كان يعمل الشهيد مع نجله الضابط محمود أحمد زكي، عُرف العميد أحمد زكي بكونه قائدًا عادلًا لا يفرق بين ابنه وبقية الضباط. كان يتعامل بحزم وانضباط مع الجميع، ما أكسبه احترام الجميع، وجعل سيرته الطيبة حاضرة في كل مكان عمل فيه.
الشهيد في عيون أسرته وجيرانه
كان الشهيد أحمد زكي نموذجًا للأب الحنون والزوج المخلص. عاش حياة بسيطة في شقته المتواضعة مع أسرته، ولم يكن يومًا ممن يسعون وراء الرفاهية. جيرانه يتحدثون عنه بكل حب، مؤكدين أنه كان دائمًا موجودًا لمساعدتهم، ولم يبخل يومًا على أحد.
في يوم استشهاده، خرجت جنازته في موكب مهيب حضره زملاؤه وأهالي منطقته، يملؤهم الحزن والأسى على فقدان رجل نادر المثال.
لماذا اختاره الله شهيدًا؟
الكلمات التي وصف بها زملاؤه الشهيد أحمد زكي تلخص مسيرته:
“كان محبوبًا من الجميع، مجتهدًا في عمله، وصاحب قلب طيب.”
ربما لهذا اختاره الله لينضم إلى قوافل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن أمن هذا الوطن واستقراره.
رسالة الأمل رغم الحزن
رغم الألم الذي خلّفه استشهاد العميد أحمد زكي، إلا أن سيرته الطيبة وأعماله المخلصة تبعث برسالة أمل. تظل ذكراه خالدة في قلوب كل من عرفه، شاهدًا على أن العطاء والإخلاص لا يضيعان أبدًا.
الشهيد العميد أحمد زكي ليس مجرد اسم في سجل الشهداء، بل هو قصة إنسانية ملهمة لكل مصري. جسّد في حياته معاني الطيبة والتضحية، وفي استشهاده برهن على قوة رجال الشرطة في مواجهة الإرهاب. رحم الله شهيد الواجب، وأسكنه فسيح جناته.